فضلوا المعاناة على السقوط في مستنقعها.. مليشيا الحوثي تستهدف ممثلي الدراما (تقرير)
قُبالة بوابة جامعة صنعاء، يحجزُ ممثل الدراما اليمنية المعروف، عبدالسلام زعاط، موقعًا لعربة بيع الآيسكريم الخاصة به، مُنتظرًا خروج الطلاب من الجامعة ليبيع لهم، في مشهدٍ قاسٍ يثير عادةً تعاطف طلاب الجامعة معه، خاصة أولئك الذين تعوّدوا رؤيته رمزًا دراميًا على الشاشات قبل سنوات.
في الماضي القريب ، كان "زعاط" يحظى بهالة من التقدير حين يخرج للتسوّق أو يذهب في نزهة، يواجه العشرات من متابعي الدراما الذين يسعون لالتقاط الصور معه؛ حيث كان الممثلون من أكثر الشخصيات الاعتبارية التي تُمنح مكانة مرموقة بين الناس، قبل أن يتعرضوا لحملة تحريض ممنهجة من قِبل المليشيا الحوثية التي تعاقبهم اليوم بنهب رواتبهم ومحاولة سحقهم اجتماعيًا.
يُظهِر مقطع فيديو متداول على وسائل التواصل الاجتماعي، "زعاط" بجوار عربة الآيسكريم وقد غدت مصدر رزقه الوحيد، ويقبض في يده بضعة أوراق نقدية مهترئة؛ شاكيًا معاناته مع الفقر والحرمان بسبب السطو على راتبه والاستغناء عن دوره الدرامي، بسبب التحوّل نحو إنتاج المسلسلات التحريضية والطائفية من قِبل مليشيا الحوثي التي ألغت دراما معالجة القضايا الاجتماعية.
وقال مصدر في وزارة الثقافة الخاضعة لسيطرة المليشيا الحوثية لوكالة "2 ديسمبر"، إن الوزارة سبق ووجهت دعوات للممثلين الذين عملوا لفترة طويلة في قناة اليمن الرسمية وأضحوا من الوجوه المألوفة على المشاهدين، بغرض إشراكهم في أعمال درامية تناصر المشروع الحوثي الإيراني وتسوّق له.
المصدر أشار إلى أن العديد من الممثلين رفضوا محو تاريخهم الدرامي وتلطيخ سمعتهم بختامية بائسة، وفضلوا الاعتزال على الإسهام في دراما هدفها تفكيك الأواصر المجتمعية وتدمير قيم التسامح والتآلف التي عُرف بها اليمنيون، وكانت نقطة محوريةً وركيزةً أساسية في الدراما اليمنية قبل الانقلاب الحوثي.
وأفاد المصدر بأن العشرات من ممثلي الدراما قُطعت رواتبهم من قِبل وزارة الثقافة المختطفة من مليشيا الحوثي؛ انتقامًا منهم لرفضهم تأدية أدوار في مسلسلات تدعم المليشيا الإرهابية، وأغلب هؤلاء يعيشون اليوم أوضاعًا شديدة الوطأة.. لافتًا إلى أن الممثلين الذين وافقوا على السقوط في مستنقع الترويج للأفكار الطائفية والمشاريع الهدامة، يتقاضون مبالغ زهيدة لقاء أدوارهم تلك.
أحد الممثلين السابقين في قناة اليمن، ممن اعتزلوا الدراما منذ الانقلاب الحوثي، لجأ إلى العمل في قطاع التجارة بعد أن تلقى دعمًا لإنشاء مشروع صغير يُدر عليه ما يكفيه لإعالة أسرته وأطفاله، وفق حديث لوكالة "2 ديسمبر"، مشيرًا إلى أن "الوضع لم يعُد كما كان، والدراما فقدت قيمتها بعد انحرافها عن مسارها في معالجة قضايا الناس والتعبير عن همومهم".
وأكد، مشترطًا عدم ذكر اسمه، أنه تلقي دعوات متكررة للعودة إلى الساحة الفنية، خاصة في مواسم الإنتاج الدرامي قبل رمضان؛ لكنه رفض كل العروض التي جاءته؛ "كون هذه المسلسلات لا تخدم سوى مشاريع معينة، وجهات معينة"، في إشارة إلى مشاريع المليشيا التابعة لإيران.. مضيفًا: "لا يمكن أن أهدم مقامي وألوث سمعتي في آخر عمري، سأجعل الناس تذكرني بخير ولن أكون في موقف يسيء لمسيرتي الفنية حتى بعد موتي".