قراءة في دراسة أمريكية (2-6): كيف همش عبدالملك الحوثي رجال شقيقه حسين؟
تحت عنوان "السلطة السياسية عبدالملك الحوثي"، سلطت الدراسة الصادرة عن مركز مكافحة الإرهاب لدى أكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الأمريكية، الضوء على جانب من الصراع داخل مليشيا الحوثي منذ مصرع مؤسسها حسين الحوثي، وذهاب قيادتها لشقيقه الأصغر عبدالملك، متجاوزة خمسة من إخوانه الأكبر سنًا، فضلًا عن الرجل الثاني للحركة عبدالله عيضة الرزامي، الذي تمت إزاحته بقرار إيراني، بعد أن كان قد تزعم الحركه وقاد الحرب الثانية ضد الحكومة اليمنية. وعملت إيران على إزاحته وحصر القيادة (سلاليًا) في أسرة بدر الدين الحوثي أولًا ثم في الأقرب إلى الحرس الثوري الإيراني عبدالملك، الذي وصفته الدراسة المشار إليها بأنه يعمل على تقليد أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصر الله.
وبيّنت الدراسة أسلوب عبدالملك الحوثي، وكيف سارع في تهميش كوادر الحركة زملاء شقيقه الصريع حسين الحوثي، بمساعدة صانع القرار في طهران، وكيف استثنى عبدالملك الحوثي ثلاثة يكبرونه سنًا، وما الدور الذي لعبه المدعو أحمد حامد، المكنى أبو محفوظ، في تثبيت القيادة لعبدالملك.
تقول الدراسة: شھدت الحروب من الثانیة إلى السادسة ضد الحكومة الیمنیة في 2005 -2010 تطور عبدالملك تدریجیًا وتشدید قبضته على ھیكل القیادة العسكریة للحركة، حيث قام على التوالي بتھمیش قادة الحوثیین الأكبر سنًا من جیل أخیه حسین وتبرأ من تورطھم في نزاعاتھم القبلیة، مضيفة: وبدلًا من ذلك، أنشأ عبدالملك زمرة من القادة المیدانیین الأصغر سنًا أقرب إلى سنه؛ ولكن في كثیر من الأحیان (بشكل ملحوظ) أصغر منه، وبالتالي أقل منه في سنوات التعلیم الدیني. وكان ھؤلاء القادة عادة من طلاب أخیه حسین الذین عرفوا بعضھم البعض في معسكرات ما تسمى "الشباب المؤمن" وشاركوا التجربة التكوینیة للقتال في الحروب الست.
وكان أحد القادة المیدانیین المعروفین عبدﷲ یحیى أبو علي الحاكم، المذكور آنفاً، الرجل الثاني في القیادة العسكریة لعبدالملك بعد تھمیش القائد القبلي عبدﷲ عیضة الرزامي بحلول عام 2006، كان أبو علي (في 2006- 2014) لاعبًا
عسكریًا وسیاسیًا مؤثرًا وله سجل في میدان المعركة، واكتسب أھمیة خلال الحروب الست، ثم لعب دورًا محوریًا في سيطرة الحوثیین على السلطة، بعد انھیار الحكومة الیمنیة في أزمات ما یسمى "الربیع العربي" في عام 2011، وفق توصيف الدراسة.
بھذا الشكل، وفق مؤلفي الدراسة، بنى عبدالملك مجموعة قیادیة متماسكة وموثوقاً بھا من الجیل الشاب بنھایة الحرب السادسة في عام 2010. وآخرين من ھذا (جیل الحرب) ھم شقیق عبدالملك، عبدالخالق، أصغر منه ببضع سنوات، ومحمد علي الحوثي، وھو ابن عم مقرب من عبدالملك، ولد بعد عبدالملك مباشرة، والذي ظھر أیضًا كمستشارٍ رئیسٍ لعبدالملك في الشؤون الاجتماعیة والسیاسیة.
وبتقدیر مؤلفي الدراسة، فإن ھذا الكادر القیادي (جیل الحرب)، الذي تشكل في العشرینيات من عمره مع اندلاع الحروب الست، ھو الیوم قلب ھیكل القیادة والسیطرة للجیش الحوثي والنظام الأمني، لم یكن لدیھم الكثیر من الذاكرة حول النھضة الزیدیة قبل حسین، وقبل معسكرات الشباب المؤمن، وقبل الدعم العسكري الإیراني وحزب ﷲ اللبناني، وقبل "الصرخة"، وبمعنى أدق، ھم بالضبط من أسماھم حسین: "أتباع الشعار".
وأبقى عبدالملك ھؤلاء الرجال إلى جانبه، حیث انتقلت حركة الحوثي من متمردین في 2010 إلى أنداد في مؤتمر الحوار الوطني بین مارس 2013 وینایر 2014، وأخیرًا إلى حكام شمال الیمن بعد انقلاب سبتمبر 2014 ضد الحكومة المعترف بھا دولیًا، ومع ذلك، أبقى عبدالملك، أیضًا، ثلاثة رجال مسنین مؤثرین في دائرة صنع القرار العسكري والأمني، وقد یكون ھؤلاء مؤثرین بشكل خاص؛ كان أحدھم أحمد محمد یحیى حامد (المعروف بأحمد حامد أو أبو محفوظ)، وھو من أتباع حسین والذي یشغل منصب مدیر مكتب رئیس ما يسمى المجلس السیاسي الأعلى مھدي المشاط، وھو أكبر من عبدالملك ببضع سنوات، والذي ضغط لصالح بدر الدین من أجل فتح القیادة لعبدالملك في سنواته الأولى كـ"الأمیر الوصي على العرش'' لحركة الحوثیین في 2005 -2010، وفقًا لبحث أجراه الباحث غریغوري جونسن.
وكان ثاني أكبر مستشار له إمكانیة الوصول المباشر إلى عبدالملك ھو أحسن الحمران، الذي یرأس ما يسمى جھاز الأمن الوقائي ویشرف على أجھزة استخبارات الحوثیین، بحسب الدراسة التي تضيف أن الشخصیة الثالثة الأكبر سنًا- والوحیدة من خارج دائرةعبدالملك- تتمثل في عبدالكریم أمیر الدین، الأخ الأصغر بكثیر لبدر الدین، وھو عم عبدالملك الذي یكبره بحوالي 14 سنة، ویشغل منصب وزیر الداخلیة في حكومة الحوثيين وله علاقات وثیقة مع الحرس الثوري الإیراني وحزب ﷲ اللبناني.
لكن حتى في ھذه الحالة، وفق الدراسة، یبدو أن رجال عبدالملك یتولون زمام الأمور ببطء: فقد تم وضع وزارة الداخلیة تحت إشراف أحسن الحمران، وتم تعیین أحد أبناء حسین، یدعى علي، لخلافة عبدالكریم في وزارة الداخلیة.
..... ( يتبع )