لا شيء يزعج الحوثيين أكثر من تمسك اليمنيين بالثوابت اليمنية واعتصامهم بها، وتمسكهم بحب اليمن، بالنظام الجمهوري، بثورتي سبتمبر وأكتوبر، بدولة الشعب، بالوعي أيضًا؛ وإلا ما الذي يجعل قادة حوثيين يقومون بالتحقيق مع طلاب رفضوا شعار الصرخة وهتفوا "بالروح بالدم نفديك يا يمن؟!".
 
في الماضي، خبر مثل هذا قد يبدو مثيرًا للريبة؛ لكنه في مناطق سيطرة الحوثيين بات واقعًا مؤلمًا، وبات الجميع يشاهده ويعيشه، وليس من سمع كمن رأى.
 
حدث هذا في محافظة إب، حيث أقدم الحوثيون على التحقيق مع مديرة مجمع السعيد التربوي، وعدد من الطلاب الذين هتفوا لليمن!! وما الغريب من جماعة جاءت من خارج التاريخ، من زمن الخرافة والجهل، محملين بحقد تاريخي مستمر منذ أربعة عشر قرنًا، يجرون صراعات التاريخ، ويستثمرونها في تدمير الحاضر والمستقبل، وهذا جزء مما يفسر تحسسهم من كل ما يمت للجمهورية بصلة.
 
العصابة التي قبلت أن تكون أداة إيرانية، تستدعي كل أدبياتها من الفرس، وتصلي نحو عمائم ملال قُم، من الطبيعي والبديهي أن تنزعج من دعوات الوطنية، لأنها لا تنتمي للوطن بقدر انتمائها إلى خرافات ولاية الفقيه والإمام المنتظر، وأفكار ما قبل الدولة الوطنية الجامعة.
 
والعصابة التي ترفع شعار الموت وتقدسه، من الطبيعي أن تنزعج من دعوات الحياة؛ لهذا فهي لا تؤمن بالموت فداء للوطن، بل فداء لمن تسميه "السيد" الذي يصوره لها فكرها الغارق في الضلالة في منزلة المخلص والوصي والمعصوم!! 
 
وبلا شك، فإن عصابة تقدس ثقافة القتل والموت وتعلي من شأنها، من الطبيعي أن تتمسك بالحرب وتسوق قطعانها نحو الموت، ما دام قيادات العصابة في منازلهم وقصورهم تحميهم جماجم الجهلة، لكن المعركة التي تخشاها العصابة وتشعر بالانهزام فيها هي معركة الوعي.. ينزعج الحوثيون من الأقلام الحرة، وينزعجون من كل من يُعمِل عقله ويفكر، ويمنع الناس من السقوط في مستنقع الخرافة، ويكشف لهم حقيقة مليشيا الحوثي وأفكارها المنحرفة التي تؤمن بفكرة الحق الإلهي بالحكم، ووجوب بقائه محصورًا على المركز المقدس والأسر المقدسة التي تدّعي كذبًا وزورًا أنها من نسل رسول الله!!
 
إنه العزف على وتر الدين في مجتمع متدين، إنه توظيف الدين لخدمة السياسة، بل العبث بالدين في سبيل الوصول للسلطة والاستئثار بها؛ لهذا فالحوثيون ينزعجون من كل من يفكر، من كل من له عقل أو ألقى السمع وهو شهيد.
 
والعصابة التي تغمرها الخرافة وتحكم بها، من الطبيعي أن تنزعج من تمسك الشعب بدولة الشعب، وبالنظام الجمهوري، وبالدستور والقانون الذي يساوي الجميع تحت سلطته، ومن كل يمني حر يدعو لذلك.
 
والعصابة التي تستبدل تحية العلم، والنشيد الوطني بالصرخة المستوحاة من شعارات الحرس الثوري الإيراني، هي عصابة لا علاقة لها بالوطن، ولا تستحق أن تعيش فيه.
 
وإذا كان من الواجب المقدس على اليمنيين التوحد في المعركة العسكرية التي تهدف لاستئصال مليشيا الحوثي الخبيثة، من الجسد اليمني، فإن الأكثر قداسة أن يتحد اليمنيون في معركة الوعي، المعركة التي تعري عصابة الحوثي وتفضحها أمام الحاضر والمستقبل، وأمام هذا الجيل والأجيال القادمة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية