تقرير| فروق جوهرية لا يعرفها إلا من تنقل للعيش بين المناطق المحررة ومناطق سيطرة مليشيا الحوثي
"يكفيني أن أطفالي يدرسون بمدارس اسمها 26 سبتمبر، والشهيد الحكيمي، وأني أعبّر عن رأيي بحرية"، بهذه العبارات يفتتح جميل الوجيه حديثه لوكالة "2 ديسمبر" عن الوضع في المناطق المحررة مقارنة بالمناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي.
يضيف "الوجيه" والذي غادر مؤخرت مناطق سيطرة مليشيا الحوثي : مهما كانت هناك معاناة في مناطق الشرعية؛ إلا أننا نتنفس كرامة، ولا زال كل شيء عندنا له علاقة بالنظام الجمهوري، أما المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين فهي تُدار من قِبل عصابة المشرفين الذين نهبوا الرواتب وقوت الناس، وامتهنوا كرامتهم، وعملوا على طمس كل ما له علاقة بالجمهورية اليمنية؛ فالمدارس مثلًا غيروا أسماءها إلى مدارس الصماد، والإمام زيد، والأشتر، وأسماء قيادات من صرعاهم، ويفرضون على الموظفين الحضور للندوات الطائفية، وحتى فزاعة الأمن التي يتغنى بها الحوثيون ورغم التكتيم الإعلامي الذي يمارسوه إلا أنه يتضح وجود جرائم أمنية يكون بالغالب وراءها عصابات تتبع مشرفيهم".
ورغم محاولات إعلام مليشيا الحوثي البائسة لتصوير نجاحات وهمية وزائفة في مناطق سيطرته، والتكتم عما يجري وراء ذلك؛ إلا أن الأوضاع المزرية بين القمع والتجويع المتعمد، التي يعيشها المواطنون في مناطق سيطرة المليشيا، لم تعد خافية على أحد.
عمار الهمداني من سكان العاصمة المختطفة صنعاء، قال في رسائل عبر الواتس لوكالة "2 ديسمبر": "معاناتنا مع مليشيا الحوثي لا تنتهي، وتحيط بحياتنا من كل الاتجاهات، أولها وأقساها الضرر الذي لحق ويحلق بلقمة عيشنا وكانت البداية بتوقف رواتبنا الحكومية منذ أكثر من 7 سنوات".
مضيفًا: "لم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل لاحقتنا المليشيا ممعنةً في محاربة أرزاقنا في القطاع الخاص الذي يتعرض لتعسفات لا لها أول ولا آخر، على رأسها الجبايات التي لا تتوقف طوال العام، وتخترع لها مناسبات وذرائع لنهب أموالنا".. والهدف من ذلك، وفق الهمداني، القضاء على الشركات والمشاريع ورجال الأعمال، والسيطرة على القطاع التجاري لإفساح المجال أمام الشركات التي أنشأتها قيادات المليشيا".
يتابع: "عملت المليشيا المدعومة إيرانيًا على تدمير أغلب المشاريع الصغيرة في مناطق سيطرتها، بذرائع مضحكة؛ كما حصل مع مالكي منتديات النساء الخاصة التي سمحت لهم المليشيا بإنشائها وبعد أن خسر أصحابها ملايين الريالات قامت فجأة بإغلاقها تحت ذريعة منع "الفساد الأخلاقي"، والحقيقة أنها خطوة لإجبارهم على بيعها بثمن بخس لقيادات حوثية وستعود لاحقًا للعمل، وكل هذا يهدف بالأخير إلى تحويل اليمنيين إلى عمال سخرة لديها بعد أن يصبح كل شيء ملكها".
بأسى، يتحدث "الهمداني" أن هذا التعسف والإجرام من قِبل مليشيا الحوثي، يقابله قمع لكل من يعترض أو يرفع صوته بالرفض؛ إذ تتخذ من ذلك مبررًا لاعتقاله وربما قتله ونهب أمواله وممتلكاته، حتى وإن كان مواليًا لها أو من الذين قدموا لها خدمات في الماضي، والأبشع أن إجرام هذه المليشيا الإرهابية لا يقف عند حد، فلم تسلم من ذلك حتى النساء، في سابقة لم تقم بها أي سلطة أو جماعة من قبل في اليمن الذي تحظى فيه النساء بمكانة خاصة لا يمكن أن تتعرض للأذى حتى في أوقات الصراع والحرب.
في الجانب الاقتصادي، تحاول المليشيا الحوثية العزف على وتر انخفاض سعر الصرف في مناطق سيطرتها، متجاهلة أنه وهمي، فلم ينعكس على الأسعار في تلك المناطق التي تعد أعلى بكثير مما يفترض أن تكون عليه قياسًا بسعر الصرف، ومتعالية كثيرًا على قدرة المواطنين الشرائية، في ظل انعدام الرواتب، وقلة فرص العمل، والجبايات الباهظة المفروضة من قِبل المليشيا.
سليم الآنسي، أحد الساكنين في ذمار، يوضح لوكالة "2 ديسمبر" بعضًا مما يعانيه المواطنون في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، حيث ارتفعت نسبة الفقر، وأعداد المتسولين زادت بشكل مخيف من جميع الفئات، كذلك ارتفاع المصابين بالأمراض النفسية والجسدية، ومعدلات الطلاق، والتسرب من التعليم، وكذلك معدلات البطالة بسبب شحة الأعمال، حتى عمال البناء والحرف تضرروا نتيجة للإجراءات التعسفية التي فرضوها على من يريد أن يبني، إضافة إلى مضاعفة الجبايات على التجار، ما انعكس سلبًا على المواطن لدرجة أن بعض التجار الذين كانوا يدعمون المساكين وأعمال الخير معظمهم أوقفها جراء إجبارهم من قِبل المليشيا على دفع جبايات عليها.
يعيش الحوثيون في ثراء- يضيف الآنسي- "وتجدهم مسجلين أسرهم في عدة منظمات إما موظفين أو مستفيدين من المنح التي تقدمها المنظمات، وطبعًا أي نشاط لا يتم إلا بعد اطلاعهم عليه، وفرض كل ما يريدون إضافته واستبعاد أي مستفيد غير مؤيد لهم، وإن لم تستجب يوقفون نشاطها؛ في حين يعمل المدرسون بالمترات عشان يوفروا لقمة العيش وعادهم إذا غابوا يهددوهم باستبدالهم بمتطوعين من حقهم خريجي الثانوية".
ويؤكد الآنسي أن القبضة القمعية والأزمات هي التي تحكم الآن في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، أما مصداقية الحوثيين فأصبحت صفرًا، ومعظم الناس ناقم عليهم، ويستعجلون تحرير مناطقهم من تلك العصابة الكهنوتية.