ثلاث سنوات وأنا في المخا أتيتها وهي قطعة، بل ذرة من الغبار، وشاهدت مجدها المدفون تحت معارك الدول عبر التاريخ وتحت غضب السيول الآتية من الجبال وأتيت المخا وهي مدينة التاريخ وكانت مستهل كل شيء، بداية العالم ونهايته، وأفشل بإيجاد حلاق يحلق شعري، مطعم نظيف آكل فيه، شيئاً من أشياء الدنيا، محل هاتف جيد... الخ.
 
كانت المخا عرضة للحر والغبار، نصف بنصف من العام، لا فندق يؤيك إلا واحداً متهالك لا يكفي أحداً، والمجلس المحلي يستأجر شقة متهالكة بعد أن دمرت الحرب المفروضة من قبل مليشيات الحوثي مبناه، والمدارس مهلهلة وهي من إنجازات الزمن النبيل، والخط الأسود هو الشاعر الوحيد وقصيدة ممتدة بالخط الساحلي وإلى كل مكان.
 
مجتمعياً.. وجدتها بلدة ريفية.. أبناء المخا يذهبون البحر ليلاً ويعودون ليلاً وقلما تجد سحنات أخرى إلا بهذه المعركة، وبوجود العميد طارق تحولت المخا إلى مركز وطني، نهض المجتمع، وعايشت بل عاينت وعشت كيف تحولت المخا إلى حضور باذخ وكيف تكاملت المنجزات التي قدمها الطارق لهذه المدينة..
الشوارع.. المجلس المحلي كيف أعيد.. المدارس كيف رُممت، والمستشفيات والمراكز الصحية.
 
وقبل ذلك كله، المجتمع المحلي كيف استيقظ ووجد ذاته وتعالى وأصبح له صوته القوي ويشارك بناء مركزية المخا.. أتيت المخا وقلما تجد في مجلس المقيل أحد أبناء المخا، وبعد ثلاث سنوات وجدتهم في كل مكان.
 
كنا أول عام لو أن هناك أي مناسبة أو مهرجان نقنع أبناء المخا للحضور أيما إقناع، ولكن الآن ومن موقف واحد شعرت بالمجد والإنجاز، ففي المهرجان الأخير بندر المخا أتيت متأخراً وفتشت قبل الدخول إلى صفوف المهرجان الأولى على يد أبناء المخا.. شعرت بالمنجز أن المخاوي هو من فتشني، زال الحذر.. فالمجتمع الساحلي بشكل عام وليس فقط في المخا مجتمع حذر من أبناء الجبال، معادلة فرضتها القرون وليست وليدة هذه السنوات، ولكن وأنا أخضع نفسي للتفتيش من المخاويين تراقصت روحي: ثمة نجاح حدث بهذه المدينة..
 
دعوني أعود إلى قبل المهرجان.. 
لو تلفت يميناً ويساراً لوجدت إنجاز المقاومة الوطنية، وأنت في الشارع النظيف تشاهد الإنجاز.. دعمت النظافة بآليات كثيرة.. وتشعر بالإنجاز بمشروع إنارة الشوارع، تشعر بالإنجاز وأنت تشاهد مبنى المجلس المحلي الذي رمم بدعم الطارق. 
تذهب لتشتري سمكاً من البحر تشعر بالإنجاز بمركز الإنزال السمكي الذي شيده الطارق. تمرض وتذهب مشفى ديسمبر تشعر بالإنجاز.. وتشعر بالإنجاز وأنت في المدارس المرممة. 
تشعر بالإنجاز وأنت تدخل الميناء وقد أعيد تأهيله مشروع كبير واستراتيجي.. وتشعر بالإنجاز وأنت ترى المطار الدولي في مرحلته الثانية.. تخيلوا.. مطار.. والفنادق لوجود الأمن والدعة أصبحوا كمشة فنادق قلما تجدها في أي مدينة.. فندق بن سيف، فندق الميناء.. فندق اليمن السعيد.. فندق موكا، وفندق جولدن ستار، كل فندق أفضل من أخيه.
 
والشارع تراه وهو يضج بالحركة.. مطاعم راقية، محلات راقية، وكل شيء أصبح موجوداً في المخا.. أغلى الهواتف وأرقى الألبسة وأهم متطلبات الحياة..
 
تلم المخا كل الناس من شمال ومن جنوب البلاد، شرق وغرب، ولو قررت الخروج قليلاً سترى ببقعة مكتملة، في المخا مدينة 2 ديسمبر الطبية والأبراج الفندقية وبعدها المدينة السكنية وقبل ذلك مبنى القطاع الأمني، الذي أعاد بناءه وتأهيله الطارق.. وفي خارج المخا سترى مشاريع المياه الريفية.. الثوباني مثلاً.. اذا تعمقت بموزع ستجد ترميم المباني الرسمية.. وعد قليلاً إلى المخا هناك دوريات كرة قدم بين أبناء الساحل كلهم، الخوخة والمخا.
 
المخا الآن ليست المخا قبل ثلاث سنوات، الآن المخا مدينة متكاملة، للتجارة والاستثمار ولمجتمع جديد.. الطريق الجديد بين المخا وتعز سيوجد نقلة نوعية للمخا إذا سفلت الخط من مفرق الكدحة إلى البيرين حيث يلتقي الاسفلت، وقد بدأ العمل فيه.. وهذا النموذج المرسوم أمامكم يشهد الله أنه الحقيقة.. تلاشت مصطلحات العنصرية.. العنصرية كانت بحجة الميناء وانتهت بمعرفة الحقيقة..
 
هاه.. نسيت أن أخبركم عن المولدات الكهربائية ودعمه مشروع مياه المخا.. في المخا المياه تأتي إلى المنازل، أغلبكم لا يعرفون.. ومساعٍ.. هناك مساع لفتح كلية مجتمع وكلية زراعة وهناك مخطط شامل كامل لوضع 64 وحدة جوار.. تحدث الزريقي مدير المديرية بهذا الأمر اليوم، ومنطقة صناعية ومنطقة تجارية ومنطقة زراعية.. وهنا وجب الحديث عن باسم الزريقي الذي يعمل بصمت.. له المجد.. استطاع بصمته وجهده المواءمة بين المقاومة والسلطة المحلية..
 
المخا تحولت، وتكاملت بوجود العميد طارق.. الدعم الإنساني من العميد طارق كان باذخاً، وهذا النموذج الذي في المخا جعلنا نثق بالرجل، لمساته خير وبركات، وأنا فقط تحدثت عن المخا دون كل مديريات الساحل الغربي التي أبداً لم يغفلها وقدم لها كل شيء وأجمل ما قدمه العميد طارق للمخا، أجمل منجز، هو إيجاده البيئة الآمنة والسليمة والعمل وفق استراتيجية لتنمية المخا..
 
أنا لمست كل شيء، عايشت كل خطوة من هذه الخطوات، أتيت الساحل الغربي ولا يوجد شيء مما ذكرت، رأيت المخا كيف كانت وما هي عليه الآن، ولن يشعر أحد بالفارق الباذخ إلا من زار المخا قبل سنوات.. وهذه فلسفة الحرب.. في الحرب تبزغ قوى جديدة ومدن جديدة.. حرب العرب مع الفرس أوجدت البصرة والكوفة على حساب المدن الكبرى للإسلام، وهكذا في كل صراع، القيروان نتيجة حرب، الفسطاط نتاج حرب، كذلك الرباط ابنة حرب، والفارق القادة الذين يستثمرون الحرب لولادة جديدة للأماكن والمدن والمخا أحد هذه المدن التي ستدون كما من ذكرت نتيجة حرب، فالحرب ليس أن تنتصر بميدان المعركة فقط، فميدان التنمية والعمارة والفنون حتى والثقافة انتصار وهنا تذكرت مكتب ثقافة المخا، أصبح يعمل وبكل بذخ ومخاوية.
 
هذا ميدان، وللميدان العسكري رجاله، هو أمجد وأشمخ وأعظم.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية