لا يهتم الحوثي بذكرى المولد النبوي، كما لا يهتم بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا بتعاليمه؛ لكنه يمارس ما تمارسه الجماعات الدينية من توظيف للدين لصالح السياسة، واستغلال العاطفة الدينية في تحقيق أهداف سياسية لم يكن بالمتناول تحقيقها بدون استغلال ورقة الدين.
 
ولهذا، فالحوثي غير مستعد أن يحيي ذكرى المولد النبوي دون أن تكون مناسبة للجبايات والإيرادات المهولة التي يتم فرضها على الأشخاص والمؤسسات والشركات والبيوت التجارية، ولا يمكن للحوثي أن يحتفل بذكرى المولد النبوي دون أن يجدها مناسبة لإيصال رسائله السياسية، والتحشيد إلى محارق الموت التي يقود إليها اليمنيين بالقوة تحت مبرر الدفاع عن رسول الله ومحاربة أمريكا وإسرائيل والانصياع لقول الإمام وغيرها من الخزعبلات التي عكف عليها الحوثيون ولا يزالون.
 
وكل خطوة يخطوها الحوثيون هي خطوة مدروسة من إرغام الناس على دفع الجبايات وصولًا إلى طلائهم باللون الأخضر، حيث يجد الحوثي في انصياع الشارع لهذه الموجهات مقياسًا لسيطرته على الناس في مناطق سيطرته، والذين يتعامل معهم بأسلوب الترهيب والترغيب.
 
يعرف الحوثي أنه يفقد حاضنته الشرعية بعد أن أوصل أوضاع الناس إلى أن يعيشوا مجاعة حقيقية بعد نهب رواتبهم وكل حقوقهم لصالح الشرذمة الحاكمة من الأسر السلالية، ولذا يلجأ لاختبار سلطته وسطوته بين الحين والآخر، فيعمد إلى إنشاء نادي الخريجين الداعشي لقياس سطوته بين شباب الجامعات، كما يلجأ لفرض الجبايات الإلزامية لقياس سطوته على التجار ورأس المال، بل يلجأ لفرض ترديد الصرخة في طابور الصباح لقياس سطوته على طلاب المدارس.
 
غير أن خوف الحوثي يتزايد كلما وصلته رسائل الشارع العفوية التي تقول له إن بركان الغضب آتٍ لا محالة.
 
لنا أن ندرك خوف الحوثيين وهم يرون الاحتفالات الشعبية العفوية في مناطق سيطرته بذكرى ثورة سبتمبر، وكذا تجدد روح سبتمبر في وجدان الشعب أكثر من الأعوام السابقة، لأن الشارع اليمني يقول للحوثي إننا بحاجة لسبتمبر جديد يدفن الكهنوت والإمامة وأذنابها إلى الأبد.
 
وما بين قطران الأئمة والرنج الأخضر للحوثي، يعيد التاريخ نفسه، وحين يعود التاريخ فإنه بلا شك سيأتي بالقردعي وعلي عبدالمغني والثلايا وكل الأبطال الذين كان لهم الدور الأبرز في القضاء على النظام الكهنوتي الإمامي وعلى الاستبداد ومخلفاته.
 
 الحوثي باختصار يواري ضعفه وخوفه خلف استعراض القوة الوهمية، لأنه يدرك أنه مجرد أداة تحركها إيران في اليمن، والأداة لا حول لها ولا قوة، وإذا كان النظام الإيراني اليوم مهدَّدًا بالزوال بفعل الاحتجاجات الشعبية في إيران، فإن ورقة الحوثي ستسقط لا محالة قبل زوال سيدها الذي يتهاوى الآن في طهران.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية