الحوثيون يُغرقون صنعاء بأدويةٍ بلا وكيل.. عندما يتحوّل العقار إلى سمٍ فتاك (تقرير)
غير عابئين بالمآلات الكارثية، تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية إغراق السوق الدوائية اليمنية، لا سيما العاصمة المختطفة صنعاء، بكميات مهولةٍ من الأدوية المهربة التي تدخل البلد دون وكيل رسمي ولا معايير طبية، عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها، على هيئة شحنات غير قانونيةٍ يتم استيرادها خارج النُّظم المعمول بها، بهدف تغذية الأوعية الإيرادية من مصادر سخية وفتّاكة في آن.
في الغالب، كان الحوثيون يهربون العقاقير والأدوية، غير تلك التي تُمنح من منظمات دولية ومحلية طوعًا للأمراض المزمنة مثل أدوية الفشل الكلوي والسرطان والسكر؛ كونها أدوية غالية الثمن وجرى العُرف الإنساني أن تُمنح على شكل هباتٍ للدول الفقيرة لمساعدة المرضى المعوزين دون عناء؛ إلا أن المليشيا المدعومة من إيران، جففت المراكز المتخصصة من هذه الأدوية المجانية وبدأت ببيع أصناف أخرى تستوردها بلا معايير أو ضوابط.
قبل أيام بدأت تأثيرات جانبية مميتة تظهر على 50 طفلًا من مرضى السرطان، حُقنوا بعلاج methotrexate في مستشفى الكويت بالعاصمة المختطفة صنعاء؛ بعد يومين كان 18 طفلًا قد لفظوا أنفاسهم الأخيرة، والآخرون نُقلوا إلى غرف العناية المركزة ولا زال وضعهم حرج حتى اليوم، وتتكتم المليشيا الحوثية عن مصيرهم في ردهات المستشفى الذي يعجّ برائحة الموت.
وأفادت مصادر طبية بأن الأطفال الضحايا من مرضى سرطان الدم حُقنوا بالعلاج غير المطابق للمواصفات يومي السبت والأحد، وبدأت أعراض الصداع الشديد والتشنج والغيبوبة، تظهر على الأطفال من بعد حقنهم بيومين تقريبًا، ومن حينها والأطفال يموتون تباعًا، يومًا بعد يوم.
وذكرت المصادر أن الـ30 طفلًا الآخرين الذين يرقدون حتى الآن في العناية المركزة لنفس السبب، معرضين للموت في أي لحظة لعدم وجود تراييق تفسخ مفعول الدواء الذي حُقنوا به؛ مشيرة إلى أن هذه الأدوية أُلزم أهالي الأطفال المصابين بشرائها من الصيدليات؛ كون الأدوية المجانية المستوفية المعايير، سبق وصادرتها مليشيا الحوثي لتمرير الأدوية المهربة واستبدالها بها.
وبحسب المصادر، فإن دواء methotrexate ليس له وكيل رسمي في اليمن، ومنذ سنوات وهذا الدواء يدخل إلى البلاد بصورة غير قانونية عبر مهربين تابعين للمليشيا الحوثية؛ مشيرة إلى أن هذه العقاقير غير مضمونة من المصدر، كما أنها لا تُحفظ وفق الضوابط المحددة وغالبًا ما تُباع وهي تالفة بعد أن تتحول إلى أدوية سُمّية.
وإلى غاية الآن، لم تحرك المليشيا الحوثية ساكنًا تجاه الكارثة- عدا توجيه بمنع استخدام تشغيلات الصنف المذكور، لحفظ ماء الوجه- كون المتورطين بهذه الجريمة مسؤولين كبار في المليشيا، على رأسهم القيادي المتطرف المدعو طه المتوكل، منتحل صفة وزير الصحة العامة والسكان.
والعام الماضي، كانت تقارير حقوقية أكدت أن "الآلاف من مرضى السرطان في اليمن يضطرون للبحث في السوق السوداء عن الأدوية ذات الأهمية لصحتهم"، حيث يوجد في اليمن ما يربو على 60 ألف مريض بالسرطان باتوا مهددين بالموت؛ نظرًا لإفراغ المراكز المتخصصة في مناطق الحوثيين من الأدوية الموثوقة ودس أدوية بديلة مهربة تكون تأثيراتها قاتلة في الغالب.
وبحسب تقرير سابق لـ"العين الإخبارية"، فإن ثمة شبكة حوثية كبيرة بينها 5 قيادات بارزة تورد وتبيع منتجات الدواء المزيف والسام والمسرطن عبر أكثر من 20 كيانًا صحيًا بين شركات ومشافٍ خاصة، يأتي على رأسهم المدعوان دغسان أحمد دغسان وصالح مسفر الشاعر، والأخير أُدرج من قِبل الخزانة الأمريكية في نوفمبر الماضي، على قائمة العقوبات؛ لدوره في تقديم الدعم اللوجستي للمليشيا، والاستيلاء على ممتلكات تُقدَّر قيمتها بأكثر من 100 مليون دولار، بينما دغسان مدرج على لائحة المطلوبين للتحالف العربي بمكافأة تبلغ 10 ملايين دولار.
وإلى جانب الجبايات وتجارة النفط في السوق السوداء، تشكل تجارة الأدوية واحدة من أهم قنوات تكديس الثروة لمليشيا الحوثي؛ إذ أنشأت عشرات الشركات والمؤسسات والهيئات لإدارة سوق مستقلة لبيع الدواء في مناطق سيطرتها، بعد أن عطلت عمل العديد من شركات الأدوية وجعلت الأمر برمته قيد تحكمها وفي نطاق سلطتها فقط، باعتباره مصدرًا مهمًا للثراء.