مع بشائر شهر سبتمبر يقف اليمنيون إجلالاً له، فهو شهر الثورة التي حررتهم من النظام الملكي الإمامي الكهنوتي، وأعلنت عن ميلاد النظام الجمهوري الذي كان إعلاناً لقيام دولة الشعب، دولة المواطنة المتساوية، وأعلنت عن ميلاد اليمن الجديد المستند على أهداف الثورة الستة في 26 سبتمبر 1962.
 
وفي مقابل ذلك، يحتفل الإماميون الجدد في شهر سبتمبر وفي 21 منه بذكرى انقلابهم المشؤوم الذي ظنوا أنه سيعيد عجلة التاريخ إلى الوراء، الانقلاب الذي استهدف الدولة والنظام الجمهوري، وحاول استعباد أبناء الشعب من جديد وتحويلهم إلى عبيد يعملون بالسخرة لدى أسرة تدّعي أنها اصطفاها الله، وأنها صاحبة الحق الإلهي بالحكم.
 
وما بين المناسبتين، يقف نضال شعب في مواجهة تمرد عصابة، كما يقف النور في مواجهة الظلام، والوعي في مواجهة الجهل، والتقدم في مواجهة التخلف، والدولة في مواجهة الكهنوت، ليعلن اليمنيون أن 21 من سبتمبر هو يوم أسود يجب أن يُطمس من روزنامة اليمن إلى الأبد.
 
يوم 21 سبتمبر يوم أسود في التاريخ اليمني لسقوط الدولة اليمنية القائمة على النظام الجمهوري، وعودة مشروع ما قبل الجمهورية، المشروع الإمامي القائم على مرجعية دينية رجعية تحصر الحكم في سلالة معينة، وتجرمها على غيرهم، وتنهب ثروات وخيرات البلاد باسم الله زوراً في كل مناسبة دينية أو غير دينية، وتحرم ملايين اليمنيين من تلك الثروات لتنعم هي فقط بها والأسر المنتسبة لها عرقياً.
 
 21 سبتمبر معناه إعلان لانتهاء الديمقراطية والتعددية السياسية التي كانت اليمن قد قطعت مشواراً لا بأس به مقارنة ببقية دول الوطن العربي، رغم كل الملاحظات عليها، وأيضاً إعلان وفاة الحرية بكل أنواعها من سياسية وفكرية وحتى دينية، فقط هو صوت واحد وفكر واحد ورأي واحد لا شريك له.
 
 21 سبتمبر يمثل يوماً أسود في التاريخ اليمني باعتباره أعاد اليمن قروناً إلى الوراء، فيه قامت مليشيات إمامية بالانقلاب على الدولة والثوابت الوطنية، فكان هذا التاريخ هو بداية لمرحلة مأساوية تشكلت في ذلك الحين وما زالت مستمرة حتى اليوم، من حرب ودمار، ومعاناة، وتدمير ممنهج لمؤسسات الدولة وتغييب الحياة السياسية وكافة المكاسب التي حققها الشعب اليمني في السادس والعشرين من سبتمبر المجيد.
 
ينظر اليمنيون إلى عظمة ثورة 26 سبتمبر من عظمة أهدافها وتضحياتهم التي قدموها في سبيل التحرﺭ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ومخلفاتهما، ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻢ ﺟﻤﻬﻮﺭﻱ ﻋﺎﺩﻝ، ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﻭﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ، وبناء ﺟﻴﺶ ﻭﻃﻨﻲ ﻗﻮﻱ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺣﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ، ورفع ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺸﻌﺐ اﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎً ﻭاﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺎً، وإنشاء ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﺗﻌﺎﻭﻧﻲ ﻋﺎﺩﻝ يستمد ﺃﻧﻈﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﺭﻭﺡ ﺍلإﺳﻼﻡ ﺍﻟﺤﻨﻴﻒ، والعمل ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ، واﺣﺘﺮﺍﻡ ﻣﻮﺍﺛﻴﻖ الأﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩ ﺍلإﻳﺠﺎﺑﻲ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﻧﺤﻴﺎﺯ، ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، ﻭﺗﺪﻋﻴﻢ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻢ.
 
وأمام ربيع الثورة 26 سبتمبر كان خريف انقلاب 21 سبتمبر الذي أراد النيل من الدولة والقضاء عليها، لتبدأ معركة اليمنيين في الدفاع عن الثورة والنظام الجمهوري، وهي معركة مستمرة باستمرار الخطر الذي تمثله جماعة الحوثي الكهنوتية.
 
 الفرق بين ربيع 26 سبتمبر 1962 وخريف 21 سبتمبر 2014، تلخصه مقولة للزعيم الراحل جمال عبدالناصر عندما قال إن ثورة 26 سبتمبر لم تكن ثورة عادية بل هي معجزة أخرجت اليمن من القرن العاشر الميلادي إلى القرن العشرين، ونحن نرى أن 21 سبتمبر أيضاً لم يكن انقلاباً عادياً بل كان عودة باليمن من القرن الحادي والعشرين إلى القرن السابع.
 
ولا تنحصر ذكرى ثورة سبتمبر في الفعاليات الكرنفالية والجماهيرية، ولا في الخطابات الرنانة والأناشيد الحماسية، بل إن ذكرى الثورة تمثل مناسبة لاستلهام معاني الثورة ليتم ترجمتها على أرض الواقع، ولتكون بوصلة تقود اليمنيين وتوحدهم في معركة استعادة الدولة والدفاع عن النظام الجمهوري.
 
 إن ذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر هي مناسبة لاستلهام العبر من هذه الثورة المباركة، لا سيما ونحن نخوض معركة ضد مليشيا الحوثي التي تشكل امتداداً للإمامة. ولذا يجب توحيد الصفوف وبناء الإرادة الصلبة في الانتصار للشعب اليمني وإعادة الاعتبار للثوابت الوطنية. 
 
والتحديات العظيمة التي تواجهها ثورة سبتمبر وهي تواجه مشاريع الردة قد حوّلت الثورة والنظام الجمهوري في وجدان أبناء الشعب إلى عقيدة وطنية لا تتزعزع، لا يتردد اليمنيون في سبيل الدفاع عنها أن يقدموا نفيس التضحيات ويسطروا أعظم الملاحم ليبقى اليمن جمهورياً ولتبقى دولة الشعب.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية