منطق اللحظة اليمنية تفعيل الشراكة!
تفرض اللحظة اليمنية شراكة حقيقية وتفعيلًا مؤسسيًا للسلطة ودوائر صنع القرار، وتبادلًا للمشاورات والرؤى، وتقاسم الهموم والحلول، والعمل بجدية في إدارة المؤسسات وعمل الوزارات، فالسلطة الشرعية ليست مقتصرة على طرف دون غيره، ولا يتفرد أحد بإدارة شؤونها وتدبر مهامها، وإلا فما جدوى شراكة مجلس القيادة بمختلف مكوناته في تسيير المرحلة، فالشراكة الصورية مدعاة للمناكفة والخلاف أكثر من بقائها مشلولة دون هدف ولا قواسم مشتركة.
على كافة مكونات مجلس القيادة رئيسًا وأعضاءً استيعاب معنى الشراكة وترجمة مفاهيمها بما يُقوّم سلطتهم المتداخلة ويشد عضد صلاحياتهم المتراكبة، بعيدًا عن الاستفراد وتقليص صلاحيات الآخر وحصره في زاوية نائية، فحضور الكل وأداء الدور وتحمل المسؤولية والاشتراك في مجمل العملية السياسية برمتها لا بد أن يكون له سقف حقيقي في كل فعل وخطاب ورؤيا سياسية واقتصادية وعسكرية وإدارية تصدر عن مجلس القيادة وتنتمي له كسلطة شرعية معترف بها دوليًا، ومسؤولة عن إرساء حضور الدولة في الشأن الداخلي اليمني.
على المتضرر أن يبدي تذمره ويقدم تبريره، ويكشف عن التجاوزات التي تطول صلاحياته وتهمش حضوره بكل شفافية ومصداقية حتى لا تتسع دائرة الهوة وتتباين المواقف والرؤى، ويُستغل الخلاف لفتح شهية التنافر والدخول في مناكفة صريحة ومواقف تقود لتفكيك مفهوم الشراكة وتقويض بنيانها.
فالمكتب السياسي للمقاومة الوطنية شريك مهم وفاعل في العملية السياسية ومن حقه الاعتراض وطرح رأيه بشكل ودي قبل الانجرار إلى طريق مختلف، ولا بد أن يكون لصوته المعترض صدى بغية إعادة تفعيل رسم العلاقة التكاملية التوافقية بينه ومجلس القيادة، وعلى رئاسة المجلس تفسير موطن التجاوز والتهميش وتجنب تكرار أي إخفاق أو استغلال خارج السياق العام الذي رُسم لهذا المجلس والمنظم للوائحه وبرامجه التنفيذية ومسارات عمله.
قد يكون البيان الذي أصدره المكتب السياسي له أبعاد منطقية ومسوغات قانونية، ويمثل خطوة جادة في التذكير بماهية الشراكة ومنطقها، لكن هناك مطابخ ضخّمت الخلاف، وجرّت البيان إلى وادٍ آخر مليء بالصراع وانشقاق الصف الوطني، واستغلال مصداقيته في ذر الرماد في العيون، وتهييج اللحظة أكثر من المتوقع كما لو أنها فرصة تاريخية.
نأمل من قيادة المجلس والمكتب السياسي ردم الهوة وبتر جذور المماحكات والوصول إلى تفاهم حقيقي مشترك يعيد التوافق بينهما، ويعزز دورهما في مرحلة حرجة تستدعي التلاحم والتطابق بين قيادة المجلس ومكوناته والمضي قُدمًا في إدارة البلاد وتحقيق الاستقرار.