استعراضات الوهم الحوثية وكذبة إسرائيل
تخرج مليشيا الحوثي، باستعراض في ميدان السبعين، تتباهى فيه، بكل وضوح ووقاحة، بتبعيتها المطلقة وارتهانها لأسيادها في إيران، وتدمير وتمزيق اليمن، وطنًا وإنسانًا؛ تنفيذًا للأجندة والمشاريع الإيرانية، رافعة لافتات وصور الكهنة وشعارات الخميني.
في ميدان السبعين، حيث كان يقف جيشنا اليمني فيلتفت العالم ليرى الشموخ والسيادة والعزة بعتاد وقوة اليمن؛ يستعرض مرتزقة طهران وعبيد ملاليها بأطفال ومراهقين وجنود أُجبر الكثير منهم على ذلك، وغُسلت أدمغة البعض الآخر، وبأطقم معظمها تم نهبه من مخازن المؤسسات التي سطوا عليها بعد انقلابهم على الدولة، وأخرى من قوت الشعب الكادح في مناطق سيطرتهم، ودبابات أكلها الصدأ فضربوها بالطلاء.
استعراضات تحاول زراعة أوهام النصر، بكذبة زائفة تنطوي على الحمقى لا أكثر.
استعراضات تحاول زراعة أوهام النصر، بكذبة زائفة تنطوي على الحمقى لا أكثر.
إن كان ثمة نصر حققه الحوثي حتى الآن، فهو تمزيق الوطن وتدمير مكتسباته ومؤسساته، وتجويع شعبه وإدخاله في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وما عداه ليس أكثر من زيف تدحضه مجريات الواقع، ويبدو أن عبيد إيران بعد أن انتهت حُجة مواجهة من يصفونه بـ(العدوان)، أصبحوا في مأزق أمام أسر عشرات آلاف اليمنيين الذين ضحى بهم الحوثي للسيطرة على خمس محافظات، لم ولن يتجاوزها، فلجأوا للهرب إلى شماعة تحرير القدس، وهي شماعة كل الجماعات الكهنوتية العاجزة عن إعمار الأرض وصناعة الإنسان وخلق الحضارة، لحرف الأنظار عن الهدف الحقيقي من التضحية بالأبرياء وإراقة الدم اليمني، ونهب أقوات الملايين من الجوعى لتسمين كروش قيادات يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه، ومن سلالة مقدسة متعالية على الآخرين، وأن الله ما خلق البشر إلا لخدمتهم والعمل على راحتهم.
سؤال أوجهه إلى أولئك الذين يعيشون في مناطق الحوثي عامة، والمغرر بهم خاصة، طالبًا منهم أن يستخدموا عقولهم ولو لدقائق ويتجنبوا استغلال عواطفهم بالأكاذيب والخداع: لماذا ترفع سلطة ولاية الفقيه شعارات الموت لإسرائيل منذ قرابة 45 سنة دون أن تترجم شعاراتها تلك إلى واقع بحرب شاملة على إسرائيل خصوصًا وأن الطريق صار مفتوحًا من إيران إلى حدود دولة الكيان الصهيوني في الجولان وجنوب لبنان، بعد أن سيطرت طهران عمليًا على العراق وسوريا ولبنان، وأصبحت تمتلك ميزة التماس المباشر مع إسرائيل في وقت تفتقر الأخيرة لعمق استراتيجي من جهة، وتنعدم قدرات جيشها البري على توجيه ضربات في الأراضي الإيرانية، من جهة ثانية؟! لماذا تقتصر فعالية "فيلق القدس" على نشر الخراب في بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، فيما تل أبيب والقدس في مأمن والإسرائيليون في شغل فاكهون؟! لماذا لا تدخل إيران في حرب مباشرة مع إسرائيل، ولو فعلت ذلك لكانت الشعوب العربية ستتعاطف معها بدلًا من إرسال عناصرها إلى أوطاننا؟!
الجواب بكل بساطة هو أن إيران عينها على مكة وليس القدس، عينها على أوطاننا وليس فلسطين، ولو كان هؤلاء يحترمون مقدساتنا وديننا الإسلامي لما فجّروا مساجدنا ومنازلنا وهجّروا كل من يصرخ جائعًا أو غاضبًا من الظلم.
ادعاء مواجهة أميركا وإسرائيل، كذبة تستخدمها كل الجماعات الكهنوتية لتسيطر على عواطف الشعوب، بالله عليكم أليست أميركا من تقف خلف المنظمات التي تمول الحوثي عبر مسميات إنسانية، وتدعم عناصره بالمساعدات أكثر من دعمها للشعب المنكوب؟! أليست أميركا من وقفت وتقف أمام إعلان مليشيا الحوثي إرهابية؟!
إسرائيل كهنوتية مثلها مثل الجماعات الكهنوتية، وخاصة أولئك الذين يرون أنهم أبناء الله وأحباؤه، والمخولون من الله للوقوف على رؤوس الشعوب، تلك الجماعات المليشاوية أثبتت الوقائع أنها تتخذ من قضية القدس ذريعة لتنفيذ مشاريع توسعية في المنطقة العربية؛ بل وإضعاف الدول العربية تمهيدًا لإخضاعها لإسرائيل.
إن المستهدف الحقيقي بكل هذه الفوضى هي أوطاننا؛ فمشروع إيران هو السيطرة على الوطن العربي وليس تحرير القدس، وما يجب الانتباه له هو أن مواجهة الاستهداف الإيراني دون مشروع عربي متكامل الأهداف والسياسات والجبهات، سيجعلنا نستيقظ يومًا وقد سيطرت طهران فعليًا على مساحة جغرافية وسكانية مهمة من الوطن العربي.
إيران بدأت مشروعها باستهداف الهوية العربية بشكل عام، وفي يمننا الحبيب نموذج لاستهداف مليشيا إيران (الحوثيين) للهوية اليمنية، وبدا ذلك الاستهداف واضحًا بحديث أحد شعرائها في إحدى فعاليات الاستعراض الزائف في ميدان السبعين عندما وصف الكاهنَ عبدالملك الحوثي بأنه أعظم من حِميَر وتُبّع وملوك اليمن جميعًا، وأعظم من حضارة ضاربة الجذور في أعماق التاريخ، وأصقاع الأرض وكانت سباقة في البناء وعمرت الأرض لا المقابر كما تصنع مسيرة الحوثي الشيطانية.
في الأخير نقول للحوثي: لو كنتم فعلًا تملكون جيشًا لما تم "دعسكم" ودحركم من المناطق المحررة وتطويقكم في مناطق محدودة، لو كنتم فعلًا قوة لما هرعتم نحو اتفاق ستوكهولم طالبين الغرب لإنقاذكم وتوقيع اتفاق الخذلان، فلا توهموا المغررين ولا تضحكوا بالنصر على تلك الأسر التي فقدت فلذات أكبادها في حربكم العبثية.