استبشرت تعز بالتوجه الوطني نحو توحيد المسار الجمهوري ضد مليشيا الحوثي الإرهابية كشرٍّ محض لا ينبغي فتح نوازع أخرى غير تصويب السهام مجتمعة نحوه.
 
التعاضد الكبير مع المقاومة الوطنية والقوات المشتركة بكافة تشكيلاتها شعبيًا وسياسيًّا، أظهر حاجة تعز الماسة للالتحام الكامل كجسد صلب، وصدّ محاولاتٍ نجحت سابقًا في تعثر مشروع وطني كاد أن ينجز الكثير لولا القراءات الخاطئة في أحيان والحاقدة في أحايين كثيرة.
 
رؤية ارتسام البساط الجمهوري الذي تَقدّمه العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي- رئيس المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، وتلته قيادات تعز السياسية والعسكرية والحزبية؛ بقدر ما شكّل ضوء ناصعًا واستبشارًا شعبيًا بلمةٍ أخوية تنهي سنوات من الضياع والتشرذم في محافظة تقاذفتها الصراعات المختلفة على حين غفلة من تاريخها، إلى جانب التغول الحوثي على مقربة منها؛ بقدر ما شكل- أيضًا- خطوة على مسار هزِّ كيان العدو الحوثي المتغذي على الخلافات في الصف الجمهوري، وهو يرى حتمية المضي نحو مقارعته عسكريًا وسياسيًا وبقوى جديدة وفاعلة موحدة هذه المرة.
 
تشعر المليشيا كم هي ضربة قاسية هذه الخطوة؛ لذلك فتحت الباب على مصراعيه لكتائبها الإعلامية والغوغائية، تارة للتشكيك وأخرى لبث شائعات بات المجتمع محصنًا جيدًا من سماعها، خاصة إذا كان مصدرها مليشيا اعتادت على الكذب حتى بات عنوانًا لكل من ينتمي إليها أو يؤيدها.
 
ولأن ضرورة البقاء في مقدمة صفوف مقارعة المشروع الطائفي الإيراني تتطلب الاصطفاف الجمهوري الواسع؛ فإن الجميع لن يدخر جهدًا حتى يظل بنيانًا مرصوصًا ولا منبوذ في قاموسه سوى الحوثية وما أتت به من خرافات قضت عليها ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الغراء قبل ستة عقود.
 
وإذا كان تشكيل المجلس الرئاسي- في أبريل الماضي- حرّك الجمود في مختلف كيانات الدولة وأحدث توافقًا وطنيا كُنا في غاية الحاجة إليه؛ فلأن صدق نوايا أعضائه تجلت مع أول خطاب، وما تأكيدات العميد طارق صالح المستمرة على واحدية المعركة سوى بيان واضح وناضج، وتأتي انسجامًا للمسؤولية الوطنية التي يتحملها في أدق مراحل تاريخ اليمن خطورة.
 
وفي ظل الهدنة الهشة والتقويض المستمر لها من جانب مليشيا الحوثي؛ بات الخيار العسكري يلوح في الأفق أكثر من أي وقت مضى، وما الرسائل التي يطلقها وزير الدفاع الفريق محمد القدشي في جبهات القتال أثناء تفقده جهوزية الأبطال في جبهات الضالع ولحج وتعز وصولًا إلى الساحل الغربي؛ إلا إتمام للهدف المعد مسبقًا وتدشينًا لقوة ضاربة موحدة لا تأبه للمأزومين، خاصةً مع إدراك المجتمع الدولي تنصل الحوثي من تنفيذ مقتضيات الهدنة في رفع الحصار عن تعز والمحافظات الأخرى والإدارة المشبوهة لمطار صنعاء وميناء الحديدة اللذين أُعيد فتحهما كالتزام أخلاقي من قِبل الحكومة.
 
وعندما تحين اللحظة لن يجد الحوثي ومقامرته سوى الردع الذي يعرف ألّا مهرب منه وخبِره في ميادين عديدة حين راح يستجدي العالم باسم الإنسانية لإيقافه، فانكشف أمره كهامور جبايات ولص لا يؤتمن على إيردات أصغر منشأة اقتصادية، فما بالكم بموانئ ومطارات وشركات اتصالات وضرائب وعمليات سطو واسعة ضد التجار والبنوك والمؤسسات الخاصة.
 
لحظة فارقة يتحد فيها اليمنيون ضد كهنوت يدّعي الحق الإلهي في السلطة ويفرز المواطن حسب السلالة، سيدٌ وغيره عبيد، سلالة مصطفاة ودونها دونية عليها السمع والطاعة، لهذا اجتمع الناس على أمر لا خيار معه سوى الانتصار للمواطنة المتساوية وإعلاء قيم التعايش والديمقراطية كمحددات أرستها الثورة الأم ونحن لها حافظون.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية