أصبحت المملكة العربية السعودية لاعباً أسياسياً في سوق الطاقة والاقتصاد العالمي، وخصوصاً بسيطرتها على زيادة وتخفيض الإنتاج النفطي الذي بدورة ينعكس عالمياً على ارتفاع أو انخفاض الأسعار. 
 
السياسة دائماً تقودها المصالح، ونرى ما يجري اليوم في العالم من تناقضات لدول كبرى وخصوصاً بعد الحرب الروسية الأوكرانية؛ فأمريكا ترى أنها القوة المهيمنة عالمياً، وفي ذات الصعيد نجد روسيا تنافسها وتسعى لفتح خطوط تواصل وتجديد وخلق علاقات مع دول عربية تعتبرها أمريكا من أهم حلفائها في الشرق الأوسط. وإذا كانت روسيا ترى أنها دولة عظيمة وأمريكا ترى نفسها أيضاً دولة عظمى؛ فالسعودية اليوم هي الدولة العظمى عالمياً وكلا الدولتين في أمسّ الحاجة لعملاق الطاقة ومن يتحكم في مفاتيح اقتصاد العالم.
 
ما ترجوه واشنطن اليوم من الرياض في ظل زيارة الرئيس الأمريكي في الأسبوع القادم بعد زيارته لإسرائيل، هو زيادة إنتاج النفط، ونجد أن عدم زيادة إنتاج النفط من قِبل السعودية يصب في مصلحتها، وكلما ارتفعت الأسعار ستكون في صالح الدول المنتجة ومنها روسيا، فمصلحة السعودية عدم زيادة الإنتاج، إلا في حال تحقيق مصالحها وتأمين المنطقة من المد الإيراني وقطع يده بإنهاء الحوثي في اليمن.
 
في الداخل الأمريكي، نجد الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين كبيراً جداً، فلوبي النفط بيد الجمهوريين ومصلحتهم عدم زيادة السعودية لإنتاجها وذلك لاستخدام هذه النقطة ضد الرئيس بايدن والديمقراطيين في الانتخابات القادمة.
 
أما في الجانب الأوروبي وروسيا، فقد أكدت مجموعة غازبروم الروسية العملاقة، الأربعاء، أنه لا يمكنها ضمان حسن سير خط أنابيب الغاز نورد ستريم الذي يربط روسيا بأوروبا، قائلةً إنها ترى أن فكرة عودة أوروبا للفحم كمصدر بديل للطاقة فكرة جيدة، فالحضارات تعيد اكتشاف نفسها بالرجوع إلى تاريخها العظيم.
 
وهذا التصريح تهديد واضح من روسيا لأوروبا بإيقاف ضخ الغاز الروسي، وقد يشكل هذا ضغطاً كبيراً على دول الاتحاد، حيث أصبحت قيمة اليورو موازية للدولار، وهذا لم يحصل منذ عشرين عاماً، وهو مؤشر سلبي لانهيار اليورو، وقد يؤدي هذا الضغط إلى تفكك الاتحاد الأوروبي لتسعى كل دولة إلى تحقيق مصالحها ومصالح شعبها.
 
فهل ستستمر أمريكا بسياستها في المنطقة، وهل ستعمل على حل أو إنهاء الاتفاق النووي الإيراني بحضور سعودي على طاولة المفاوضات، وتقطع أيادي إيران في المنطقة، وخصوصاً في اليمن ولبنان والعراق وسوريا؟
 
خلاصة ما ذكرته، أن مصالح السعودية هي الفيصل في كل قرار تتخذه قيادتها بعد زيارة الرئيس الأمريكي، وستنعكس مخرجات الزيارة على الوضع في المنطقة والعالم.
....
* وكيل أول محافظة الحديدة

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية