الصيف يُطلقها من جحورها.. إصابات بلدغات الأفاعي في موزع تؤرِّق السكان
ذات مساء في يونيو من العام 2015م، وأثناء عودته إلى قريته "الضاحي" غرب مديرية موزع، تعرض الحاج "علي بن علي" للدغة ثعبان لدى مروره بأحد الأحراش وسط أشجارٍ كثيفةٍ كادت تقضي على حياته لولا تزامن وقت إصابته بمرور بعض الاشخاص في الوادي تمكنوا من نجدته وتقديم المساعدة الفورية له.
لم يكن تواجد الحاج علي، وهو في العقد السادس من العمر، بغرض التنزه، بل كان في لحظة كفاح معتادة من خلال العمل في قطع أشجار يطلق عليها اسم "العلل"، ومنها تصنع الأوقية التي توضع على ظهور الجمال، بالإضافة لتقليم الأشجار المعمّرة من أجل الحصول على الفحم، وهما المهنتان اللتان يعمل بهما الحاج علي لسد احتياجات أسرته.
يصف الحاج علي لـ"2ديسمبر" اللحظات التي هاجمه الثعبان فيها بـ"المرعبة"، ويضيف: حاولت أتحاشاها بعد لدغتها الأولى من خلال الهروب؛ لكنها استمرت بمطاردتي لتلدغني مرة أخرى، حينها سقطت على الأرض متأثرًا بسمها القاتل، وبدأت أطلق الصرخات لإغاثتي ورافق ذلك مرور بعض الأشخاص من القرى المجاورة، قاموا بنقلي إلى المنزل بينما كنت أشعر بألم شديد في قدمي، قبل أن يتم نقلي إلى مستشفى قريب وأجريت بعض الفحوصات وصُرفت بعض العلاجات لأعود للمنزل مجددًا بأمل أن تنتهي تلك الآلام.
لسوء حظه، لم تنتهِ معاناته هنا، فبعد أيام فقط من عودته، تفاقمت معاناته بشكل أكبر حيث تقرحت الجروح بقدمه وبدأ يتبول دمًا، ولم يتمكن من سرعة العودة إلى المشفى ذاتها حيث كانت مليشيا الحوثي تقطع الطريق حينها، وما إن وصل إلى مستشفى الروضة، هنالك تدخل الأطباء وقرروا بتر قدمه لاحتواء انتشار أثر السم في مناطق أخرى بجسده العليل.
عقب بتر قدم الحاج علي عاد إلى قرية الضاحي لمصارعة الحياة مع بعض أطفاله الذين يساعدونه في جمع الحطب وحرقة لبيعه فحمًا، وقد بات عاجزًا عن ممارسة أي دور وظيفي آخر مع الإعاقة التي سترافقه على الدوام.
أبناء موزع يستذكرون مأساة الحاج علي مع تزايد حالات الإصابة بلدغ الأفاعي التي يشكل فصل الصيف موسمًا لانتشارها.
سجل "وادي العقمة" في موزع خلال الستة الأشهر الماضية، خمس عشرة حالة مصابة بلدغة الثعابين التي باتت تؤرق المئات من السكان في مناطق العزلة، حيث تتكيف الثعابين على العيش في النهر الجاري بالمنطقة أو في الأشجار الكثيفة التي تحيط بالنهر، بالذات في فصل الصيف الذي عادةً ما يكون موسمًا لخروج الثعابين من جحورها نظرًا لشدة الحرارة.
يقول ناصر المنع، مدير الوحدة الصحية بالمنطقة، إن الثعابين تشكل تهديدًا حقيقيًا للحياة هنا "وتزداد خطورتها لانعدام القدرات الصحية لمجابهة خطر الثعابين بالإضافة لوعورة الطرق لنقل المصابين سريعًا إلى المخا أو تعز وظروف الناس الصعبة التي لا تتحمل تكاليف النقل والعلاج".
وأضاف المنع أن الوحدة سجلت خمس عشرة حالة من لدغات الثعابين بين لدغة في الوديان أو لدغات للرعاة في الجبال خلال الرعي أو أثناء سير السكان في الوادي.. مشيرًا إلى أن الوحدة الصحية لم تستطع تقديم أي خدمة لهم؛ لغياب تلك الأمصال الخاصة بالثعابين وكانت تقوم بتحويلهم للمخا والمناطق الأخرى.
وطالب "المنع" السلطات المحلية والصحية والمنظمات العاملة في اليمن إلى العمل على توفير الأمصال الخاصة بداء الثعابين، خاصة وأن الوحدة الصحية في المنطقة تملك ثلاجة لخزن وحفظ تلك الأمصال، ما يساعد في تخفيف الأعباء واختصار الطريق أمام المصابين الذين يسافرون في رحلات شاقة قد تنتهي بفقدانهم حياتهم؛ نظرًا لتواجد أنواع من الثعابين ذات سم قاتل.