بدت صنعاء في أيام العيد الأولى وكأنها المدينة الخاوية؛ صنعاء التي لم يعهدها اليمنيون لعقودٍ طويلة تستقبل العيد بسكونٍ وهجوع، فلا مظاهر مشوّقة للفرح، ولا ظروفٍ مهيئةٍ للمسرّات، بينما اقتصرت طقوس البهجة على قيادات المليشيا الحوثية المملؤة جيوبهم بما جبوه من أموال الناس طيلة الفترة الماضية.

 

سكون صنعاء وخلودها في غفوةٍ طويلة خلال أيام العيد، حدث نادر ومُحزن في آن فرضته مليشيا الحوثي المدعومة من إيران لتقويض استعدادات الناس الشغوفين ببث أفراحهم في العلن، فإلى جانب موجة الغلاء الحادة، لا يتورع عسكر المليشيا ومشرفوها عن إشهار بنادقهم في وجه كل من أراد إحياء البهجة على نغم "آنستنا يا عيد"، أشهر أغاني العيد في اليمن منذ زهاء 40 عامًا.

 

عند محلات الملابس، وبسطات البائعين في الشوارع، سُجلت أولى مظاهر الأسى عشية حلول العيد، فتلك الطوابيرُ الطويلةُ والزحام الشديد لاقتناء الألبسة وشراء الهدايا ما عاد حاضرًا في طقوس المدينة الغارقة في الأزمات، وعندما حل صباحُ العيد الأول انكمشت المدينة على أوجاعها تداري أتراح السنين في صمتٍ مطبق.

 

وقال سكانٌ محليون، إن البطش والقمع الحوثيين، مضاف إليهما الغلاء الفاحش في الأسعار مع استمرار الجماعة الإرهابية بنهب رواتب موظفي الدولة، جعل العيد يمر عليهم وكأنه "مناسبة سوداء" لا تثير في مرورها إلا أوجاع الحرمان، في حين لا يتوانى مشرفو المليشيا ومن ناصرها عن استساغة الفرحة ولو على حساب أوجاع الناس. 

 

وذكر عدد من السكان أن الغلاء الفاحش، لم يقتصر فقط على أسعار السلع الأساسية،  بل شمل الملابس وجميع مستلزمات العيد، وذلك في ظل سوء الأوضاع المادية والنفسية والمعيشية جراء الممارسات الحوثية الظالمة التي صادرت عن الناس فرحتهم بهذه المناسبة الدينية الجليلة.

 

في شوارع صنعاء، لوحظ أطفالٌ غير آبهين لحقهم في الفرحة ينصرفون إلى أعمال أخرى قسرًا، مُنكبّين على تدبر رزقهم في أكثر أيامهم ندرةً في العام، إذ خرج المئات إلى مواقعهم المعتادة في الجولات وأماكن الزحام المروري لبيع المناديل والمياه ومسح أقفاص السيارات ونوافذها، علّهم يجنون في هذه المناسبة ما يسد رمق جوعهم المُزمن، وبعضهم ممن قضى آباؤهم في صفوف المليشيا الحوثية التي تركت أطفالهم يقارعون مصيرهم حتى في أيام العيد.

 

 الاكتظاظ الذي كان معهودًا أمام بوابات الحدائق في انتظار أدوار الدخول، هو الآخر أصبح ظاهرةً من الماضي في ظل اعتكاف الناس في منازلهم بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة، وعدم قدرتهم على الخروج بحثًا عن الفرحة التي ما عادت حاضرةً في قاموس صنعاء بعد أن حولتها المليشيا الحوثية إلى ما يشبه سجنا كبيرا، يُعاقب فيه كل من يقطن المدينة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية