فرنسا: لن نبقى في مالي إذا كان الثمن باهظاً
قالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي اليوم السبت إن الدول الأوروبية التي تقاتل المتطرفين في مالي ستجد سبيلاً لمواصلة مهمتها، لكن هناك حدود للثمن الذي يمكن لفرنسا أن تدفعه للبقاء هناك.
والعلاقات بين المجلس العسكري الحاكم في مالي وشركاء البلاد الدوليين على شفا الانهيار بعد عدم إجراء انتخابات في أعقاب انقلابيْن عسكريين.
وأبلغ المجلس العسكري فرنسا يوم الأربعاء بضرورة الكف عن التدخل في شؤون مستعمرتها السابقة وأن تحتفظ "بالأصداء الاستعمارية" لنفسها.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان قد قال أمس الجمعة إن الوضع أصبح غير محتمل، وإن الحلفاء الأوروبيين اتفقوا على رسم خطط خلال أسبوعين بشأن كيفية تعديل حملتهم، التي تشمل مالي ومنطقة الساحل الأوسع نطاقاً، لتتماشى مع المستجدات.
وقالت بارلي اليوم السبت: "ظروف تدخلنا، سواء عسكرياً أو اقتصادياً أو سياسياً، تزداد صعوبة أكثر وأكثر". وأضافت: "خلاصة القول، لسنا على استعداد لدفع ثمن بلا حدود للبقاء في مالي".
لكنها قالت إن وزراء الدول الـ15 المشاركة في القوة الأوروبية الخاصة تجمعهم الآن الرغبة في مواصلة المهمة "ومن ثم علينا أن نحدد شروطها الجديدة".
مالي لا تستبعد أي شيءيأتي هذا بينما أعلن وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب الجمعة أن بلاده "لا تستبعد أي شيء" في علاقاتها مع فرنسا، مؤكداً في الوقت نفسه أن مسألة خروج القوات الفرنسية من منطقة الساحل "ليست مطروحة في الوقت الحالي".
وقال ديوب رداً على تصريحات لنظيره الفرنسي جان إيف لودريان، إن "مالي لا تستبعد شيئا بالنسبة لهذه المسائل إن لم تكن تأخذ بمصالحنا"، في حديث إلى إذاعة "إر. إف. إي" وشبكة "فرانس 24" التلفزيونية.
وحذر لودريان الجمعة من أنه "نظراً لانهيار الإطار السياسي والإطار العسكري (في مالي) لا يمكننا البقاء على هذا النحو"، مع تدهور العلاقات بين الأوروبيين والمجلس العسكري الحاكم في مالي، ومطالبة باماكو بانسحاب القوات الدنماركية.
وقال ديوب إن مالي على استعداد إذا اقتضى الأمر للتخلي عن الاتفاق الدفاعي الموقّع مع فرنسا والذي طالبت مؤخرا بمراجعته، مشيراً إلى أن "بعض البنود مخالف للدستور ولسيادة مالي".
وتابع: "نتوقع رداً سريعاً من باريس. وفي حال لم نتلق رداً، تأكدوا أن مالي ستتولى مسؤولياتها".
أما بالنسبة للمطالبة برحيل القوات الفرنسية، فقال إن "هذه المسألة ليست مطروحة في الوقت الحالي". لكنه تابع: "إذا اعتبر وجودها في وقت ما مخالفاً لمصالح مالي، فلن نتردد في تحمل مسؤولياتنا، لكننا لم نصل إلى هذا الحد".
ودخل المجلس العسكري الذي يحكم مالي منذ انقلاب في أغسطس 2020 في صراع خلال الأشهر الماضية مع الأسرة الدولية وشركاء مالي الذين يضغطون باتجاه تسليم السلطة إلى المدنيين في البلد الغارق منذ سنوات في أزمة أمنية وسياسية خطيرة.
وتصلبت المواقف حين تنصل العسكريون من تعهدهم الأساسي بإجراء انتخابات في 27 فبراير 2022، فردت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا في 9 يناير الماضي بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية صارمة على مالي.
وتصاعد التوتر هذا الأسبوع مع إعلان الدنمارك الخميس بدء سحب كتيبتها المؤلفة من نحو 100 جندي من مالي تلبيةً للطلبات المتكرّرة من المجلس العسكري.
ونددت الدنمارك "بلعبة سياسية قذرة" من باماكو، علماً أن انسحابها يشكل ضربة قاسية لقوة "تاكوبا" الأوروبية التي تقودها فرنسا لمكافحة المتطرفين في منطقة الساحل.
ويزداد التوتر خصوصاً في علاقات المجلس العسكري مع فرنسا، القوة المستعمرة السابقة والمنخرطة عسكرياً في مالي والساحل منذ 2013.
اتهام لودريان بالازدراءووصف لودريان المجلس العسكري بأنه "غير شرعي"، معتبراً أن أعماله "غير مسؤولة". وندد ديوب بتصريحات "غير مقبولة" و"تنم عن ازدراء".
وتتهم فرنسا وحلفاؤها الأوروبيون المجلس العسكري بالاستعانة بمرتزقة مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية التي تعتبر قريبة من الكرملين، وهي تنتشر في مواقع أخرى تشهد نزاعات كما أنها متهمة بارتكاب تجاوزات في إفريقيا الوسطى.
وفيما ينفي المجلس العسكري وجودها، أكد رئيس القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند الأسبوع الماضي أن "فاغنر في مالي" مضيفاً: "إنهم هناك، نعتقد أنهم بضع مئات الآن".
واتهمه وزير الخارجية المالي بالكذب. وقال ديوب: "تعاوننا مع روسيا هو تعاون بين دولتين، ومالي لا تتوجه سوى إلى الحكومة الروسية التي تستجيب طلباتنا بسرعة كبيرة وبجدوى كبيرة".
وأشار إلى أن إمدادات التجهيزات الروسية في الأشهر السبعة الماضية بلغت مستوى غير مسبوق منذ 15 أو 20 عاماً.