«ساعة القيامة»... ماذا نعرف عن الساعة التي تتنبأ بقرب نهاية العالم؟
كشف علماء أن «ساعة القيامة» ستظل عند 100 ثانية قبل منتصف الليل (نهاية العالم) للعام الثالث على التوالي، لأن «العالم ليس أكثر أماناً مما كان عليه العام الماضي في مثل هذا الوقت».
وأعلنت «نشرة علماء الذرة» أو (Bulletin of the Atomic Scientists) ومقرها شيكاغو، والتي تتولّى ضبط الساعة الرمزية (الخميس) تثبيت عقارب الساعة عند 100 ثانية قبل «ساعة الصفر»، والتي تشهد منذ 3 سنوات ضبطها على بعد زمني أقل من دقيقتين قبل منتصف الليل، لأول مرة منذ ظهورها في عام 1947.
https://twitter.com/BulletinAtomic/status/1484298393325383682
وقال العلماء إنّهم اتخذوا قرارهم الأخير «أساساً» في ضوء تفشي فيروس كورونا. كذلك أشاروا إلى مخاطر مستمرّة تحيط بالعالم، من بينها تغيّر المناخ وتطوير منظومات أسلحة نووية جديدة وأكثر خطورة.
وتصور «ساعة القيامة» مدى قرب البشرية من نهاية العالم، لكن من أين أتت هذه الساعة، وكيف نقرأها؟
كانت السرعة والعنف اللذان تطورت بهما التكنولوجيا النووية مذهلين، حتى لأولئك المشاركين عن كثب في تطوير هذه التكنولوجيا. ففي عام 1939. كتب العالمان المشهوران ألبرت أينشتاين وليو تسيلارد إلى رئيس الولايات المتحدة عن تطور مفاجئ في التكنولوجيا النووية يمكن أن تكون له عواقب هائلة في ساحة المعارك، لدرجة أن قنبلة نووية واحدة «يحملها قارب وتنفجر في ميناء، يمكن أن تدمر الميناء بالكامل».
أدت هذه الرسالة إلى تأسيس تعاون علمي وعسكري وصناعي يُعرف بـ«مشروع مانهاتن»، الذي أنتج بعد 6 سنوات فقط قنبلة أقوى بكثير من تلك التي تخيلها أينشتاين وتسيلارد، قادرة على تدمير مدينة بأكملها. وبعد سنوات قليلة فقط، كانت الترسانات النووية قادرة على تدمير الحضارة كما نعرفها، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).
وأبدى العديد من العلماء الذين عملوا في «مشروع مانهاتن» تحفظات قوية حول قوة الأسلحة التي ساعدوا في صناعتها. وبعد أول محاولة ناجحة لتقسيم الذرة في جامعة شيكاغو عام 1942. والتي أكدت القدرة على إطلاق الطاقة، تشتت فريق العلماء العاملين في «مشروع مانهاتن»، وانتقل العديد منهم إلى مختبرات حكومية أخرى لتطوير أسلحة نووية، في حين بقي آخرون في شيكاغو لإجراء أبحاثهم الخاصة، وكثير منهم كانوا مهاجرين إلى الولايات المتحدة.
بدأ من بقي من العلماء العمل على مشروع للحفاظ على مستقبل التكنولوجيا النووية آمناً. وساعدوا في تقديم «تقرير فرانك» في يونيو (حزيران) 1945، والذي توقع حدوث سباق تسلح نووي خطير ومكلف، وعارضوا شن هجوم نووي مفاجئ على اليابان. لكن توصياتهم لم تلق قبولاً من صناع القرار في ذلك الوقت.
واصلت هذه المجموعة عملها وأطلقت ما يسمى بـ«نشرة علماء الذرة» في شيكاغو، والتي نُشر عددها الأول بعد أربعة أشهر فقط من إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما وناغازاكي، وفقاً لـ«بي بي سي».
وبدعم من رئيس جامعة شيكاغو، ومشاركة زملاء في القانون الدولي والعلوم السياسية والمجالات الأخرى ذات الصلة، ساعد هؤلاء العلماء في إطلاق ودعم حركة عالمية تضم مواطنين عاديين وعلماء من أجل التأثير على النظام النووي العالمي.
وبعد عامين من تأسيس «نشرة علماء الذرة» قررت النشرة التحول من رسالة إخبارية مطبوعة إلى الصدور في شكل مجلة من أجل إشراك أكبر عدد ممكن من القراء. وفي هذه المرحلة، طلب المؤسسون من فنانة المناظر الطبيعية، مارتيل لانغسدورف، تصميم رمز لغلاف المجلة الجديدة، وصُممت أول ساعة ليوم القيامة.
ابتكرت لانغسدورف هذه الساعة للفت الانتباه إلى مدى إلحاح التهديد الذي تواجهه البشرية، وأيضاً لإيمانها بأن المواطنين المسؤولين يمكن أن يمنعوا وقوع كارثة من خلال التعبئة والمشاركة، وكانت رسالة الساعة هي أن عقاربها قد تتقدم للأمام أو تتراجع للخلف.
فمثلاً في عام 1949. اختبر الاتحاد السوفياتي أسلحته النووية الأولى، ورداً على ذلك حرك محرر النشرة عقارب الساعة من سبع إلى ثلاث دقائق قبل منتصف الليل. وفي عام 1953، تحركت الساعة للأمام مرة أخرى، لمدة دقيقتين قبل منتصف الليل، بعد أن فجرت الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي أول أسلحة نووية حرارية. وكان هذا هو أقرب توقيت إلى منتصف الليل على هذه الساعة في القرن العشرين.
والمقصود بقراءة ساعة يوم القيامة بذلك هو الإشارة إلى المستوى الحالي للمخاطر التي تواجه البشرية. وتحتوي قاعدة بيانات تقييمات المخاطر، التي جمعها باحث في جامعة أكسفورد، حالياً على أكثر من 100 تنبؤ من قبل مختلف العلماء والفلاسفة الذين يدرسون هذه المسألة.
ويرى مراقبو الساعة المتخصصون أن «ساعة القيامة» لا تهدف لإخبارنا بحجم الخطر الذي تواجهه البشرية فحسب، ولكن أيضاً إخبارنا بمدى نجاحنا في الاستجابة لهذا الخطر. فمثلاً، شهدت معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية لعام 1963 عودة عقارب الساعة من منتصف الليل لمدة خمس دقائق كاملة.