مهازل في خطابي "الحوثي" و "المشاط".. تدليس لتبرير كارثة النكبة والانقلاب
لا يخجل قادة المليشيا الحوثية من تكرار ادعاء "صون السيادة الوطنية" في كل خطاباتهم أمام أنصارهم، وتزييف حقائق الواقع الذي يعيشه البلد بعد سبع سنوات عِجاف على النكبة التي قضت على معالم الحياة وألقت باليمن يعيش تحت أسوأ أزمة إنسانية في العالم تخلقت من رحم سنوات الحرب الحوثية الرعناء.
في الوقت الذي تُحكم فيه صنعاء ومناطق سيطرة المليشيا بما تمليه أجندة الحاكم العسكري الإيراني لدى الحوثيين حسن ايرلو، يعيد قادة المليشيا باستمرار الترويج لمفهوم "صون السيادة الوطنية" وتقديم أنفسهم على هيئة المدافعين عن أهم المقدرات السيادية للبلد، وهم في حقيقة الأمر مجرد جماعةٍ مطلقة الولاء لطهران تنفذ ما يملى عليها حرفيًا.
في خطابي زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، ورئيس ما يسمى المجلس السياسي مهدي المشاط، عشية ويوم الذكرى السابعة للنكبة، تجددت المهازل بنفس الصيغ والتدليس والمراوغة التي يجيدها قادة المليشيا الحوثية لتبرير ما أفضت إليه سنوات النكبة من مآسٍ وويلات يدفع ثمنها 30 مليون يمنيًا، فقرًا وجوعًا وتشردًا، حتى أضحوا يعيشون -أي اليمنيين- في مستنقع أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
ادعاء زعيم الحوثيين بما أسماه الانعتاق من الظلم والاستبداد ليس أكثر من جهرٍ بالكذب، ومحاولة لتغييب الحقائق الماثلة أمام الناس، حيث أعاد الحوثيون تكريس الظلم والاستبداد بذات الصورة الطاغية التي انتهجها الإماميون القدامى إبان حكم الكهنوت، وبذات الصيغة - وربما بشكل أكثر قسوة - يواجه اليمنيون اليوم المصير ذاته تحت مقصلة الإماميين الجدد وداخل أقبيتهم وسجونهم.
في مضامين ادعاءات المشاط، وهو الآخر الذي حاول تلميع حدث دامٍ قلب حياة اليمنيين رأسًا على عقب وباتت صنعاء من حينه رابع مدينة غير صالحة للعيش على مستوى العالم كما صنفتها مجلة موي نيغوثيوس إي إيكونوميا. تكررت الادعاءات ذاتها فيما حاول المشاط الزهو به وقد آل اليمن إلى ما آل إليه من فوضى ودمار ومأساة طافحة تخلّقت بسبب الانقلاب.
في الوقت الذي تؤكد تقارير حقوقية أن الحوثيين جندوا منذُ 2014 أكثر من اثني عشر ألف طفل، كما تسببوا بحرمان مليوني طفل من التعليم، قال المشاط إن انقلابهم الدامي وضع حدًا لعمليات تجنيد الأطفال في اليمن، فيما الحقيقة أن ظاهرة تجنيد الأطفال في اليمن لم تظهر إلا بعد الانقلاب وكانت قبل ذلك حكرًا على الحوثيين أنفسهم أيضًا، في صعدة خلال سنوات التمرد.
اليوم يشاهد اليمنيون الأهوال تتربص بهم من كل زاوية مع استمرار الحوثيين بتغذية الحرب ورفض مبادرات السلام، فالجوع والأمراض وغياب الخدمات والأمن، ومآسي النزوح والتشرد وانهيار الاقتصاد، تلك هي المظاهر الماثلةُ أمام أكثر من ثلاثين مليون يمني، أكثر من نصفهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
ولا تنحصر مآسي اليمنيين الناتجةُ عن انقلاب مليشيا الحوثي عند هذا الحد، فهنالك أكثر من أربعة ملايين شخص تشردوا داخل وطنهم هربا من آلة الموت الحوثية، في وقت سقط أكثر من ثمانية آلاف شهيد بينهم أطفال بسبب الألغام التي زرعتها المليشيا بشكل عشوائي طيلة سنوات النكبة.
وتتضاعف اليوم أعباءُ الحياة أمام اليمنيين مع انهيار منظومة الاقتصاد الوطني نتيجة السياسات التي يتبعها الحوثيون لهدم النظام المصرفي، وكذا ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة تفوق المئتين بالمئة وسط فقرٍ مدقع ينهش ملايين الأسر، وهنالك أيضا على الضفة الأخرى من الأسى تتفشى موجة ثالثة من فيروس كورونا مع انهيار منظومة القطاع الصحي، ورغم ذلك لا يعبأ الحوثيون بشيء ولا يخجلون من تسويق الأكاذيب كلما أطلوا على أنصارهم والمغرر بهم.