بينما كان ذو يزن (14 عاما) يجهد نفسه لتحقيق مكسب جديد يضاف إلى رصيد نجاحاته في المدرسة، وجد نفسه هذا العام مجبرًا على التوقف عن مواصلة الحلم بسبب العقبات التي صنعتها مليشيا الحوثي المدعومة من إيران أمامه.
 
ذو يزن الذي يتلقى التعليم في مدرسة خاصة بصنعاء، توجب عليه هذا العام دفع مبلغ مضاعف بينما أبوه الموظف في وزارة السياحة لا يتسلم راتبه منذ سنوات وفقد عمله الخاص منذ أشهر، ولم يجد هذا الفتى الحالم بمستقبل أفضل إلا أن يدفن أحلامه في بداية الطريق ويضع نهاية قسرية لجهده الكبير.
 
وقال والد الطفل لـ "2 ديسمبر"، إنه كان يدفع العام الماضي 150 ألف ريال لتعليم ابنه في مدرسة خاصة بعيدا عن مشاريع الحوثيين الطائفية، وفوجئ هذا العام برفع سقف الرسوم الى 300 ألف ريال إضافة إلى رسوم أخرى، جميعها فرضتها المليشيا لإثناء الأطفال عن مواصلة تعليمهم وقمع المدارس الخاصة.
 
وعزف العديد من الطلاب عن التعليم في المناطق التي تسيطر عليها المليشيا الحوثية بمن فيهم طلاب يتلقون تعليمهم في مدارس حكومية اختار لهم أهاليهم الامتناع عن الذهاب إليها بسبب المعوقات والصعوبات التي أثقلت بها المليشيا كاهلهم وضاعفت من معاناتهم لتجعل المستقبل في أنظارهم ضربا من الخيال، أو حلما صعب المنال.
 
مصادر تربوية أفادت بأن المليشيا فرضت رسومًا مالية للتسجيل في المدارس الحكومية تبدأ بـ ٣ آلاف إلى ٥ آلاف، إضافة إلى رسوم أسبوعية وأخرى سنوية يدفعها الطلاب مجبرين بذرائع وبدع مختلفة يأتي في مقدمتها ما يسمى بـ "المجهود الحربي" و "دعم المجاهدين" والعديد من المسميات.
 
وقالت المصادر إن المليشيا الحوثية عمدت إلى طرد كل من لا يدفع الرسوم أو يعترض على فرضها؛ مشيرة إلى أن هنالك رسومًا أخرى تفرض تحت مسمى مشاركة مجتمعية لاستمرار العملية التعليمية ولدعم رواتب المعلمين ولكن حقيقة الأمر أنها تذهب لجيوب قيادات المليشيا.
 
وبالرغم من الرسوم المفروضة والتي تثقل الكواهل إلا أن التعليم يزداد سوءًا يوما بعد يوم، خاصة مع انقطاع رواتب المعلمين وتبديد قيم التعليم وفرض نهج طائفي عبر المدارس ومصادرة الكتب القانونية من المدارس، ما يهدد مستقبل جيل بأكمله تنوي المليشيا الحوثية ترويضه على نهجها المتطرف لاستخدامه أداة في مد أمد الصراع في اليمن.
 
وقالت الطالبة ثريا أمين لـ "2 ديسمبر": ننهض في كل صباح لبدء يوم دراسي جديد ولكننا نعيش يوميا واقعا أليما، فقبل وصولي للمدرسة بأمتار تصل إلى مسامعي أصوات الزوامل الجهادية للحوثيين من مايكروفون المدرسة على عكس ما كان يسمع سابقا من آيات قرآنية وأناشيد وطنية.
 
وتضيف: نقطع العديد من الكيلو مترات مشيًا على الأقدام لعدم مقدرتنا على دفع أجرة المواصلات للذهاب للمدرسة طلبا للعلم إلا اننا لا نتلقى سوى حصتين أو ثلاث حصص كحد أقصى، لعدم تواجد المدرسين ونظرا لانعدام الكتب المدرسية التي تخفيها مليشيا الحوثي لإجبار الطلاب على القبول بمناهجها الطائفية.
 
بدوره شكا أحد أولياء الأمور من عدم قدرته على شراء الكتب المدرسية لأبنائه من السوق السوداء التي انتشرت في شوارع المدينة. وأضاف " لدي أربعة أطفال وراتبي مسلوب منذ 2016 وأعمل حاليا بالأجر اليومي، وليس بوسعي توفير قيمة الكتب المدرسية إلى جانب الزي المدرسي والقرطاسية والمصروف اليومي لأبنائي عند ذهابهم للمدرسة"؛ معبرًا عن أسفه لعدم تمكن أطفاله من الانتظام في المدرسة نتيجة هذه الظروف. 
 
وحذر معلمون من الخطر الداهم الذي يتربص بالطلاب في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية التي تنهج طريقًا عدوانيا ترمي من خلاله إلى اجتذاب الأطفال ودفعهم للانخراط في سلوكها ومنهجها الفكري والعقائدي لتضمن ولاءهم الطائفي لها مستقبلا حتى تستخدمهم آنذاك في تغذية الصراع وهدم الألفة المجتمعية بين اليمنيين.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية