في حي مذبح غربي العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، يرتفع عمود الدخان كل صباح من سطح منزل المواطن أحمد حسان، توقد زوجته إلهام أعواد الحطب والكراتين التالفة لإشعال النار بغرض تحضير وجبة الإفطار لأربعة أبناء، يستغرق الأمر الكثير من الوقت والجهد، إذ لم تتعود إلهام على تحضير الطعام بهذه الطريقة منذ زمن.
 
يؤكد المواطن أحمد لـ "2 ديسمبر" أن لجوءه وزوجته إلى خيار الحطب والكراتين، جاء بعد أن منع عنهم المشرف الحوثي في مربع سكنهم الحصول على اسطوانات الغاز المملوءة، التي توزع بشكلٍ شهري للمواطنين من خلال مشرفي المليشيا الحوثية وعقّال الحارات المتواطئين معهم.
 
 المليشيا اصطنعت معايير معينة تمنح على أساسها المواطنين اسطوانات الغاز بأسعار مرتفعة، ومن لم تتوافر فيه هذه المعايير والشروط، كما المواطن أحمد، لا يمكن أن يحصل على اسطوانة الغاز ويُعمم اسمه على عقال الحارات في الحي بمنعه من الحصول على حصته إطلاقًا.
 
وأكد المواطن المحروم من حقه القانوني، أن المليشيا الحوثية تحرمه من الحصول على الغاز منذ خمسة أشهر، بسبب رفضه دفع ما يعرف باسم "المجهود الحربي" لمرة واحدة؛ مؤكدًا أنها أجبرته على الدفع لثلاث مرات وفي الرابعة كانت ظروفه المعيشية صعبة ولم يستطع الدفع فُحرم من الحصول على الغاز ولجأ إلى خيارات مُجهدة.
 
ويواجه المواطنون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين أزمة خانقة في الغاز المنزلي رغم توفره بالسوق بكثافة؛ غير أن الحوثيين هم من يمتلكون الحق الحصري في التفرد بحصص الغاز وتوزيعها أولًا على قياداتهم والموالين لهم، ثم توجيه ما تبقى منها إلى الأسواق السوداء، ومقايضة الناس بها بطريقة جائرة.
 
وأكد عدد من المواطنين فضلوا عدم ذكر أسمائهم أن المليشيا الحوثية لا تمنحهم حصصهم إلا وقد فرضت عليهم إتاوات مالية، من خلال مظاريف توزعها عليهم عبر عقال الحارات في كافة المديريات، وتشترط إرجاعها خلال مدة محددة وبداخلها مبالغ مالية، ومن يعيد الظرف فارغًا أو يتخلف عن إرجاعه يجد نفسه في القائمة السوداء محرومًا من الحصول على أدنى متطلبات العيش، ومُتهمًا بالخيانة والعصيان. 
 
وأفادت مصادر متطابقة أن المليشيا التابعة لإيران تعمل على فرز هذه المظاريف وترصد أسماء من قاموا بدفع المال، وتقوم بتوزيع كروت خاصة لهم تحمل أسماءهم لشراء اسطوانات الغاز؛ مؤكدةً أن المليشيا تكرر هذا الأسلوب باستمرار، بشكل يعكس مدى حرصها على ابتزاز الناس واستنزاف أقواتهم.
 
وأوضحت المصادر أن المليشيا الحوثية حددت أسعار البيع على المواطنين عند 4800 ريال؛ لكن في الحقيقة يدفع المواطن 11 ألف ريال لقاء الحصول على اسطوانة غاز في الغالب لا تكون معبأة بشكلٍ جيد ولا تكفي حتى لأسبوعين رغم ترشيد استخدام الغاز إلى أقل مستوى.
 
وكانت المليشيا تلجأ في السابق إلى أسلوب التجنيد القهري على الأسر بهكذا أساليب، إذ حرمت آلاف الأسر من المعونات الإنسانية الدولية بسبب رفضها تجنيد أبنائها في صفوف المليشيا، ووُجهت أغلب تلك المساعدات الإنسانية لدعم أسر قتلى وجرحى المليشيا، ما حدا بمنظمات دولية إلى مراجعة أنشطتها الإنسانية في مناطق الحوثيين والتهديد بالانسحاب منها ما لم ترفع المليشيا يدها عن هذا الأمر.
 
ويعيش السكان في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية وضعًا كارثيًا خاصة في صنعاء، بسبب انعدام الخدمات والأمن وفرص العمل، ومصادرة رواتب الموظفين وملاحقة المعارضين، وهي معطيات جعلت مجلة "موي نيغوثيوس إي إيكونوميا" الإسبانية تُصنف صنعاء، كأسوأ ثالث مدينة في العالم لا يصلح فيها العيش.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية