في مقبرة بصنعاء شيّع صلاح عادل أبولحوم مستقبله إلى مثواه الأخير قبل أيام، عندما خرج وزملاؤه خريجو كلية الشريعة بجامعة صنعاء والمُبعدون قسرًا من أحقية الدراسة في المعهد العالي للقضاء، لدفن شهادات تفوقهم، في تعبير احتجاجي رمزي صادم كشف الستار عن السياسات التي تمارسها المليشيا الحوثية ضد الطلاب المتفوقين في الجامعة والمعهد ممن لا ينتمون لسلالتها العنصرية.
 
وتكاد السياسات الحوثية التي تُمارس بحق التعليم والأكاديميين في جامعة صنعاء تُخرج الجامعة من قائمة الجامعات المعترف بها عالميا، حيث تعتمد الهيئات الدولية المعنية بمنح الاعتراف الدولي للجامعات معايير وأسس معينة يتم من خلالها تقييم مستوى الأداء العلمي في جامعة ما، ووضعها في القائمة التراتبية لأهم وأفضل الجامعات عالميا، ومع فقدان جامعة صنعاء لهذه المعايير، بات وشيكًا أن تفقد حق الاعتراف هذا.
 
وبالعودة إلى قصة الطالب "أبو لحوم"، فقد حصل الأخير على الترتيب الأول في اختبارات القبول للدراسة في المعهد العالي للقضاء الدفعة 24؛ لكن المليشيا الحوثية استبعدته من قائمة المقبولين واستبدلت اسمه وأسماء عدد من زملائه بآخرين حصلوا على درجات لا تسمح لهم بدخول المعهد أصلا، ومع ذلك أقرت اعتمادهم للدراسة فيه باعتبارهم من سلالتها الطائفية، في مزيد من التغلغل والإحاطة بالجهاز القضائي الذي تحول من مؤسسة لإحقاق العدالة إلى أداة تلبي رغبات الحوثيين وتشرعن جرائمهم وقمعهم.
 
وبات الطلاب في جامعة صنعاء يخشون من تبعات الإجراءات الحوثية المتداخلة مع اُطر التعليم الجامعي، والتي قد تؤدي إلى إفساد مستقبلهم وإضاعة سنوات من المثابرة والاجتهاد بغية الحصول على التفوق، خاصة الطلاب الذين التحقوا ببرامج الماجستير المقرة من الحوثيين والتي قابلتها وزارة التعليم العالي في الحكومة المعترف بها دوليا بعدم الاعتراف بها، بل وهددت بسحب الاعتراف بالشهادات التي تصدر عن الجامعة إذا ما مضت المليشيا في قرارها.
 
وليسوا الطلاب وحدهم من يعانون هذا الواقع المُر، بل حتى الأكاديميين في الجامعة، إذ توفي منهم منذ العام 2015 وحتى أواخر يوليو الماضي نحو 80 دكتورا جامعيا، قتلتهم الفاقة وقلة ذات اليد بسبب مصادرة المليشيا التابعة لإيران رواتبهم ومواجهة بعضهم بإجراءات عقابية جائرة سببت للبعض جلطات دماغية وضغوطا نفسية أدت إلى وفاتهم.
 
وتشير المعلومات إلى أن حالات الوفاة الغامضة بين أعضاء هيئة التدريس بجامعة صنعاء ارتفعت بشكل مخيف خلال العام الجاري 2021 مقارنة بالأعوام السابقة حيث توفي خلال أقل من 4 أشهر 17 دكتورا، من بينهم دكاترة اختطفتهم المليشيا في أوقات سابقة وتوفوا بعد خروجهم من السجون الحوثية بأسابيع قليلة.
 
وتفيد آخر المعلومات بأن المليشيا أنذرت دفعة جديدة من عائلات الأكاديميين المتوفين بإخلاء منازلهم في السكن الجامعي المخصص للأكاديميين وأسرهم، بهدف تسليم تلك المساكن لعناصر من الموالين لها، بزعم أن بقاء العوائل تلك في مساكن قانونية يخالف لوائح الجامعة.
 
وقبل أيام أرسلت المليشيا الحوثية عربات مسلحة وعددا من العناصر التابعة لها لاقتحام الحرم الجامعي وطرد أسر 20 أكاديمياً مع عائلاتهم وأطفالهم من السكن الجامعي بصورة تعسفية وإحلال عناصر حوثية بدلاً عنهم، وسط استياء وغضب واسعين بين الأوساط الأكاديمية والطلابية والكادر الوظيفي.
 
ومطلع الشهر الماضي طرد الحوثيون نحو 40 أكاديمياً مع عائلاتهم من السكن الجامعي بشكل تعسفي وهمجي، ليرتفع إجمالي حالات الطرد بحق الأكاديميين مع عائلاتهم من السكن الجامعي في صنعاء نحو 150 حالة طرد ارتكبتها مليشيا الحوثي الإرهابية منذ مطلع العام الجاري.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية