إلى الجنوب الشرقي من مديرية الخوخة جنوب محافظة الحديدة غربي البلاد، مضى فريق من وكالة "2ديسمبر" في طريق ترابي تكسوه خضرة الحقول الزراعية من كلي جانبيه، في بعض المواضع من الطريق تتسلل الخضرة إلى حيث تقع عجلات السيارة.
 
لم تكن المهمة في الولوج وسط ذاك البساط الأخضر بغرض السياحة، إنما للوصول إلى قلب مأساة صنعها الحوثيون، فكان المرور عبر المروج الخضر صُدفةً أبانت طبيعة الحياة التي يعيشها المزارعون في الخوخة بعد أن طهرت الفرق الهندسية مزارعهم من الألغام وهيأت لهم كل الأماكن ليزرعوها.
 
بخلاف ما شاهدته الأعين في الطريق الواصل إلى البلدات الريفية حيث يتواجد العشرات من نازحي الجبلية، شاهد الفريق لدى وصوله النقطة المحددة وجوهًا مكلومة بالأسى والحزن تُكفي السائل لئلا يسأل عن الحال الذي جعلها هكذا تبدو منارةً للأحزان؛ إنها وجوهٌ قادمةٌ من الجبلية غرب التحيتا، ناجيةٌ من الموت مثقلةٌ بالرزايا.
 
كثيرون من أبناء منطقة الجبلية قصدوا الخوخة نازحين أو مشردين، في كلا الأمرين خرجوا أو اُخرجوا من ديارهم من قبل مليشيا الحوثي؛ بعضهم فقدوا فلذاتِ أكبادهم بألغام وقناصات المليشيا وهم يفارقون مسقط رأسهم قسرًا متجهين إلى المجهول.
 
لقد ذاق أبناء الجبلية كما غيرهم من سكان الساحل الغربي عذاب المليشيا، تلك الجماعةُ المدفوعةُ بطائفية الإرهاب والانتقام، مارست ولا زالت أبشع الجرائم بحق أبناء الساحل الغربي في ظل صمت دولي مُطبق، ولهذا يجدهم العابر اليوم في كل الأمكنة المحررة رمزًا للمأساة والمعاناة الإنسانية المستفحلة.
 
لقد شرد الحوثيون سكان الجبلية على مدى الفترة الماضية، الأسر التي أصرت على البقاء في منازلها عـزلت قسرا عن الوصول إلى الخدمات ولم تستطع تلبية احتياجاتها ولا إحياء مزارعها الملغومة، فاضطرت للحاق بالنازحين السابقين.
 
في مناطق نزوحهم في كل جغرافيا الساحل الغربي المحررة لا تتيح السبل لنازحي الجبلية أن يهنئوا بالعيش في مواطن اغتراب لم يعتادوا عليها من قبل، يجبرهم الحال على البقاء فيها متشبثين بحلم العودة الذي يرونه قريبًا حتى وإن كان أبعد في ظل تخاذل المجتمع الدولي واستمرار الحوثيين بتلغيم مساقط رؤوسهم.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية