أطفال اليمن بين محارق الموت الحوثية والموت جوعاً
تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيا، عمليات تجنيد واختطاف الأطفال في اليمن كنهج وسياسة للحركة المسلحة عمدت إلى تطبيقه منذ إعلان ظهورها ونشأتها، وذلك للقتال في صفوفها، وزادت هذه العمليات في العام الجاري مقارنة بالأعوام المنصرمة مع احتدام معارك تحرير المناطق الواقعة تحت سيطرتها، وتكبدها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد في أكثر من جبهة وطردهم من مناطق عدة، لاسيما الساحل الغربي الذي تم تحرير الجزء الأكبر منه على يد قوات المقاومة المشتركة.
وتعمل منظمات حقوقية محلية ودولية وبجهود حثيثة على كشف وفضح انتهاكات المليشيا الحوثية بحق الطفولة في اليمن، في ظل عجز هيئات المجتمع الدولي وقوانينها القيام بأدوارها لوضع حد أو مواجهة تمادي المليشيا ومخالتها لاتفاقيات ومواثيق حقوق الطفل والقوانين الإنسانية والقانون والدستور اليمني المحرمة لتوظيف واستخدام الأطفال في الحروب العسكرية.
وبحسب تقرير دولي صدر مؤخرا عن منظمة اليونيسيف حول استغلال المليشيا للأطفال في حروبها وصراعاتها المسلحة، أكدت المنظمة بأن الأطفال يشكلون ثلثي مقاتلي المليشيات، ويلقى الأغلب مصرعهم في المعارك بينما يقع أعداد منهم أسرى في أيدي القوات الحكومية والمقاومة الوطنية.
وتركز المليشيا الموالية لإيران على صغار السن في الاستقطاب والتجنيد ألقسري لسهولة غسل عقولهم وتعبئتهم فكريا بثقافتها العدائية، وزادت من لجوئها لتجنيد الأطفال مؤخراً مع ارتفاع نسبة قتلاها في جبهة الساحل الغربي "خصوصا" الأمر الذي دفعها إلى القيام بتنفيذ حملات اعتقال وملاحقة للأطفال في عواصم المحافظات والمديريات والقرى الواقعة تحت سيطرتها وممارسة ضغوطات على المشايخ والوجهاء، والاعتداء على المواطنين لإجبارهم على تجنيد أبنائهم لإرسالهم إلى جبهاتها المنهارة بعد أن لاقت دعوات فتح باب التجنيد التي أطلقتها فشلا ذريعا وعزوفاً وعدم تجاوب المجتمع في ما تبقى تحت سطوتها من مناطق.
وعمدت المليشيا الكهنوتية إلى إنشاء معسكرات خاصة لاستقبال وتدريب الأطفال المختطفين قسريا وطلاب المدارس، وحولت بعضا من الحدائق العامة لهذا الغرض، في محافظة ذمار "وسط اليمن" حسب إفادة "مصدر محلي" والذي أكد وجود العديد من المعسكرات وأشهرها: معسكر العوش في منطقة يعر بمديرية مغرب عنس، ومعسكر الحقل في جبل الشرق - آنس منطقة جارف، ومعسكر القدس شرق مديرية الحداء بمحافظة ذمار.
يذكر أن المليشيا في العام المنصرم كانت قد حولت حديقة "هران" شمال مدينة ذمار إلى معسكر لتدريب الأطفال وطلاب المدارس وطردت مستثمراً محلياً كان يعمل على تطوير مشروع ألعاب في الحديقة التي تعد المتنفس الوحيد للأطفال في المحافظة.
مصادر حقوقية "محلية" بدورها كشفت في وقت سابق من العام المنصرم عن تواجد خبراء تدريب عراقيين وإيرانيين ومن ميليشيا حزب الله اللبناني لتدريب أطفال الـيـمن قبل الزج بهم في المعارك.
ورصدت المصادر مئات الحالات لتجنيد أطفال قامت بها الميليشيا الحوثية في معسكرات ملحان وأرحب والحيمة بمحافظتي المحويت وصنعاء.
وكانت منظمات حقوقية في شهر مارس من العام الجاري قد عرضت أمام - مجلس حقوق الإنسان - في جنيف 4 تقارير عن انتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان في اليمن، منها تقرير تجنيد الأطفال، أشارت فيه إلى إن الميليشيا تعمل على استدراج الأطفال من المدارسِ وخطفهم وتجندهم قسراً وتزج بهم في ساحات القتال، كما أوضحت ذلك الخبيرة الدولية في الأمم المتحدة د.أستريد ستوكيلبيرغر التي قدمت العرض عن تجنيد الأطفال في اليمن والمخاطر المترتبة على تلك الجرائم الحوثية، منوهة إلى أن الأطفال المجندين لا يعرفون أنهم ذاهبون إلى القتال.
وأكدت الخبيرة الدولية إلى إن مهمتهم صعبة لإعادة هؤلاء إلى أحضان عائلاتهم والعودة إلى مدارسهم لأن تجنيدهم يأتي إجبارياً.
وأدان البرلمان العربي في الـ 6 من يوليو الجاري في ختام جلسته الخامسة، استمرار المليشيا في تجنيد الأطفال والقتال في صفوفها، وخاطب البرلمان في قرار له "الأمين العام للأمم المتحدة" ومجلس الأمن الدولي ورؤساء البرلمانات والاتحادات الإقليمية والدولية في العالم بإحالة جرائم ميليشيا الحوثي إلى المحكمة الجنائية الدولية وملاحقة قياداتها وداعمهم "النظام الإيراني" وتقديمهم للمحاكمة جراء ما اقترفوه بحق أطفال اليمن من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وفي السياق ذاته كشف العقيد الركن/ تركي المالكي الناطق الرسمي باسم التحالف العربي في شهر يونيو الماضي عن وجود تقارير بتعرض 200 طفل للقتل في ميدان المعركة بسبب تجنيد المليشيا الكهنوتية للأطفال ومنهم أيتام، واستخدامهم كدروع بشرية، موضحاً أن أعداد الأطفال الذين سلموا أنفسهم إلى القوات الحكومية وقوات المقاومة يبلغ 70% تقريبا.
وأضاف المالكي قائلا: إن ما تقوم به مليشيا الحوثي أعمال غير إنسانية من خلال تجنيد الأطفال واعتدائها على دور الأيتام في العاصمة صنعاء وتجنيد الأطفال في ساحات القتال بالقوة الإجبارية.
وفي مطلع شهر يوليو الحالي، أشار ناطق التحالف العربي إلى آخر تقرير (للجنة الوطنية للتحقيق) بانتهاكات حقوق الإنسان، الذي أكد أن أكثر من 100 طفل فقدوا أرواحهم في أرض المعارك وهم يحاربون في صفوف المليشيا الدموية. وذكر المالكي أن الميليشيا نقلت جثث هؤلاء الأطفال إلى صنعاء وأصدرت شهادات وفاة لهم.
تقارير رسمية أكدت أن اغتيالات المليشيا السلالية للطفولة في اليمن ليست عبر عمليات التجنيد المستمر وحسب، مبينة صورا وأرقاما للمآسي التي ارتكبها الحوثيون وتسببوا فيها: حيث أجبرت المليشيا أكثر من مليوني طفل للانخراط في سوق العمل، إضافة الى تجنيدها ما يزيد على 23 ألف طفل منهم 2500 طفل من بداية العام الحالي بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية وقوانين حماية حقوق الطفل.
وأشارت التقارير إلى أن المليشيا المدعومة من نظام " ولاية الفقيه " الإيراني قد حرمت أكثر من 4 ملايين و500 ألف طفل من التعليم منهم مليون و 600 ألف طفل حرموا من الالتحاق بالمدارس خلال العامين الماضيين بعد إقدامها على التسبب في قصف وتدمير أكثر من 23 ألف مدرسة تدميراً جزئياً وكليا واستخدام أكثر من 1500 مدرسة كسجون وثكنات عسكرية.