الرئيس الأوغندي يدخل على خط أزمة سد النهضة
كان موسيفيني تعهد خلال لقائه وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق قبل يومين، بالاتصال برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لتقريب وجهات النظر في أزمة مفاوضات سد النهضة للوصول لحل يرضي جميع الأطراف.
وأكد الرئيس الأوغندي دعم بلاده للحوار لوصول لحل يرضي الأطراف، إذ أن المدخل الصحيح لمعالجة نقاط الخلاف هو الاتفاق على الرؤية الاستراتيجية لإدارة مياه النيل.
ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المرحلة الحالية من مسار مفاوضات سد النهضة تطلب أن تضافر جهود المجتمع الدولي والأفريقي للضغط على الموقف الإثيوبي تحريكًا لها من موقفه المتعنت الذي يوشك أن يقود المنطقة إلى حالة من الاضطراب السياسي.
وأوضح "حجازي" أن الأمر يستلزم كذلك تدخل حكماء القارة الأفريقية وعلى رأسهم الرئيس يوري موسفيني صاحب الخبرات الطويلة في تهدئة وتسوية العديد من المنازعات في شرق القارة.
وشدد الدبلوماسي المصري السابق على أن دور رئيس أوغندا شأنه شأن القادة والزعماء الكبار، مطلوب في هذه المرحلة، لافتًا إلى أن أفريقيا طالما توصف بـ"قارة الحكماء" الذين يعتمدون على الحكمة الأفريقية الموروثة على نحو كبير للتعامل مع الأزمات والقضايا التي يتعرضون لها.
دور سابقوكشف السفير محمد حجازي أن لأوغندا ورئيسها موسفيني دور في أزمات مياه النيل خلال السنوات الماضية، ومنها عندما اصطدمت مفاوضات اتفاقية عنتيبي بموقف إثيوبي متعنت مشابه للموقف الحالي، تقدمت أوغندا برؤية لصياغة المادة "14 ب" المعنية بالأمن المائي لدول المصب، وصياغة فقرة تستند على احترام الاستخدامات الحالية والاستخدامات المستقبلية للمياه.
وأشار إلى أنه حينها توافقت كافة الدول الحاضرة في الجولة السابعة لمفاوضات اتفاقية عنتيبي وكانت في بوجانبورا عام 2007، إلا أنه رغم موافقة إثيوبيا على الصياغة الأوغندية، عاودت نقض عهدها في أسابيع قليلة بعد المؤتمر.
ولهذا يؤكد "حجازي" أن أوغندا تستطيع أن تلعب دورًا كوسيط في المفاوضات المتعثرة والبحث على حلول وتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث، والتأثير على الموقف الإثيوبي الذي يذهب إلى الإضرار بالأمن والسلم الإقليمي.
وقال: "الكل له مصلحة في التوصل إلى رؤية وحلول، ومصر والسودان يعملان مع كافة الشركاء لمحاولة البحث عن مخرج يقي المنطقة المخاطر التي يعرض يتسبب فيها التعنت الإثيوبي الراهن".
الوساطة المطلوبة
وشدد حجازي على أهمية الجولة الأفريقية التي قام بها وزيرا خارجية مصر سامح شكري، والسودان مريم الصادق إلى عدد من دول القارة لاستعراض آخر مستجدات المفاوضات، والتأكيد على مخاطر الملء الثاني لخزان السد دون التوصل إلى حل قانوني ملزم مع إثيوبيا.
وقال إن "مصر والسودان يحاولان معا في كافة الجبهات سواءً الأفريقية أو الدولية أو ما يتعلق بالمؤسسات الأممية والإقليمية التي يمكنها التأثير على الموقف الإثيوبي".
وبيّن أن دور الطرف الثالث "الوسيط" هو دور مهم في كل مفاوضات المياه، وطالما لعبت دول وهيئات ومؤسسات دولية وأممية دورا فاعلا في ذلك، فعلى سبيل المثال لعب البنك الدولي العديد من الأدوار الإيجابية في صياغة اتفاقيات مائية كبرى مثل اتفاقية نهر السند هو أطول وأهم نهر في باكستان وشبه القارة الهندية.
واعتبر أن كافة الأطراف يهمها إنهاء هذه الأزمة دون إلحاق أي ضرر يهدد المنطقة.
وقال مساعد وزير الخارجية المصري السابق أن هناك "مخاطر جمة ليس فقط على الإقليم والدول الثلاث، ولكن أيضًا على خطوط الملاحة الدولية وإمدادات النفط والغاز في هذه المنطقة شديدة الحساسية من شرق القارة القريبة إن استمرت هذه الأزمة وتصاعدت دون حلول".
ثقل وعلاقات طيبة
يرى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، وخبير المياه الدولي عباس شراقي، في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الرئيس الأوغندي يستطيع أن يقدم جديدًا لما لبلاده من ثقل في حوض النيل وعلاقات طيبة بمصر وإثيوبيا، لكنه لم يتدخل خلال الفترة الماضية.
وقال إن موسفيني من أكبر رؤساء القارة الأفريقية وله مكانة واحترام لدى الدول، ويستطيع أن يحرك المياه الراكدة في هذه المفاوضات، كما أن أوغندا دولة مجاورة لإثيوبيا وهي منبع أحد الرافدين الأساسيين لنهر النيل.
دور الاتحاد الأفريقي
ويذكر "شراقي" أن هناك دور آخر قد يكون له ثقله، خلال الزيارة التي من المنتظر أن يقوم بها رئيس الكونغو الديمقراطية والاتحاد الأفريقي فيليكس شيسيكيدي، إلى السودان ومصر واثيوبيا بخصوص مسألة سد النهضة.
وقال: "نحن نسابق الزمن وإثيوبيا مستمرة على موقفها، وهذه الخطوات قد تتسبب في مشاكل كبرى بالمنطقة في ظل رفض مصر والسودان لهذه الإجراءات الأحادية، وكل يوم يزداد الغضب المصري والسوداني".
وتتمسك إثيوبيا بالوساطة الإفريقية فقط لحل الخلاف مع مصر والسودان، بينما تقترح الخرطوم والقاهرة تشكيل رباعية دولية تضم الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ورغم التحذيرات المصرية والسودانية، إلا أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قال إن بلاده ستتم الملء الثاني لسد النهضة في موعده المقرر في يوليو المقبل.
في حين أشار الرئيس الأوغندي أن "ملء وتشغيل السد يتطلب النظر إلى الجوانب البيئية".
ويعود خبير المياه الدولي أن "أزمة سد النهضة تستلزم تحركا سريعا وقويا لإنهائها قبل فوات الأوان".