المقاومة الوطنية.. ثلاث سنوات من عمر بصمة المجد
من راقب وشاهد تشكيل وتجميع النواة الأولى للمقاومة الوطنية في صباحاتها الأولى أدرك حينها بأن حضورها ومستقبلها سيكون له دور مختلف في التغير الكامل لمعادلة المشهد السياسي والعسكري في البلاد داخليا وخارجيا ولعل هذا ما حدث بشهادة الكثيرين وحتى الخصم نفسه.
وعلى الرغم من كل حملات التشويه والتشهير والإشاعة التي شُنت عليها وحرّضت حتى على مستوى تجميع الأفراد والضباط وإيصالهم إلى عدن ومن ثم إلى معسكر الاستقبال ، إلا أنه وبصبر وجلد أصحاب القضايا العادلة عبر التاريخ البشري ثبُتَ القائد طارق وكل من معه ولم يلتفت أحد لما كان يُشاع.
استمر الجميع في الميدان وخارجه كخلية نحل وكل يوم كان المعسكر يستقبل مجموعات جديدة من الضباط والجنود الملتحقين بصفوفها.
كل صباح كنتُ أرقبُ الطابور وتمارين الإحماء واللياقة وكذلك محاضرات عدة في التكتيك العسكري والفنون القتالية وعيني - والله - تدمع فرحا وغبطة بما أشاهده من زخم وإنضباط وروح معنوية وقيادية مخلصة وقريبة من الكل حتى أن القائد طارق كان أول من نزع رُتبِه العسكرية وقال: " كلنا رتبة واحدة وجندي واحد" .
كانت القوة في بدايتها محدودة لكنها تكاثرت بشكل سريع.
المنضمون كانوا تواقين للمعركة يطالبون بسرعة توجيه القائد لهم وفتح أي جبهة تراها القيادة.
تشكلت الكتائب والوحدات التخصصية والنوعية ومضت الأمور بشكل ممتاز بحكم أن المنضمين هم من الجيش اليمني أصلا؛ المدفعية ،المشاه، التدخل السريع، الاستطلاع، القناصين، الاقتحام، الصواريخ، نزع الألغام، الخلية الإنسانية، والطبية وغيره ..
رُفدت القوات بقيادات فذّة من مختلف الوحدات العسكرية للجيش اليمني( قبل الاحتلال الحوثي).
من كان قريبا من العروض والتدريبات والأداء يُدهشُ ويتملكه شعور وإحساس مختلفين خاصة بعد أن تعرّض البلد لكثير من المواجع والتجريف.
وللأمانة بأن وصايا الشهيد الزعيم وأهداف ثورتي 26 سبتمبر و2 ديسمبر كانت حاضرة في أذهان الأبطال ومثّلت بوصلة وزاد للقوة.
استكمل قوام اللواء الأول حرّاس الجمهورية وأبطاله على أحر من الجمر للانطلاق نحو للمعركة واُستُكمُل اللواء الثاني بنفس الحماس والوتيرة.
تعاظمت المقاومة .. بدأ العد التنازلي لساعة الصفر. الشارع اليمني قاطبة كان ينتظر تلك اللحظة بفارغ الصبر ويتساءل الناس: من أين ستكون بداية الأمل الجديد من أي جهة ستُرعِد رعُوده وعلى أي أرض وجبهة سيهطلُ غيثه؟
قوات طارق / قوة الشعب ( المقاومة الوطنية) صارت حديث الناس وشغلهم الشاغل ودمهم وديمومة ثورتهم وحارس كرامتهم وقائدة فتوحاتهم الجديدة، وأخيرا وفي صبيحة 19 إبريل 2018 جاءهم الجواب: رعود الأبطال تضرب بقوة سماء الساحل الغربي ، برّه وبحره ،سهله وجبله.
الكتيبة الواحدة تعادل لواءين، التحمت ميمنة القوات المشتركة الباسلة بميسرة المقاومة الوطنية العتيدة.
بُهت العدو حينما كانت الأرض والمواقع تُطوى من تحت أقدامه طي السحاب.
يا إلهي ما الذي يجري تحولت رادارات وإهتمامات الداخل والخارج كُلّها صوب ساحل جهنم ( حسب وصف الزميل عبدالناصر المملوح).
الأخبار تتوالى.. مفرق المخا تحرر، البرح محاصرة.. المقاومة الوطنية والقوات المشتركة تمشط الساحل في التحيتا..
"عاجل: الفازة والسويق ومركز التحيتا والجبلية تحررت". فيما مركز مديرية بيت الفقيه محاصر.
تقترب القوات من مدينة زبيد ومنطقة البدوة ..أما مفرق العدين فقد تحرر. إنجاز لافت.. ما الذي يجري؟
أحد المواقع التي عادت لحضن الجمهورية ووُجِدت فيها أسلحة وكل متعلقات ووثائق المليشيات الحوثية بما فيها كاميرا تتضمن تسجيل فيديو لمقاتلين حوثيين يقولون:
" لم نشهد قتالا كهذا ولا أحد يستطيع الوقوف أمام هوءلاء حتى ربع ساعة ..أين فلان قالوا قُتِل وأين فلان قالوا قُتِل ووو إلخ".
" لم نشهد قتالا كهذا ولا أحد يستطيع الوقوف أمام هوءلاء حتى ربع ساعة ..أين فلان قالوا قُتِل وأين فلان قالوا قُتِل ووو إلخ".
واصلت المقاومة الوطنية وألوية عمالقة الإنتصارات وأسود تهامة الزحف الكبير.. يدٌ للزناد وأخرى للجانب الإنساني، آووا النازحين وأنقذوا المحاصرين منهم ،أطعموا المحتاجين وطببوا المرضى والجرحى ،أمَّنوا الأرض والإنسان تباعا.
حرروا كيلو 16 ، النخيلة ، منظر ، الدريهمي، مجمع إخوان ثابت ، المطاحن، مستشفى 22 مايو.
وصولا إلى المطار جولة يمن موبايل وشارع صنعاء والجامعة ومدينة الصالح.
وتأسيسا على ذلك أستطيع القول:
إن ثلاث سنوات من عمر المقاومة الوطنية في الساحل الغربي نُقِشت بماء الذهب في صفحات التاريخ، كما أنها ولأهميتها ستظل قابلة للدراسة والتحليل والنقد والفائدة والإفادة من دروس نجاحها وحتى انتقادها لمن رأى ذلك وأراد، والتقييم والنقد الموضوعي وغير الموضوعي يظل سلوكا ونشاطا بشريا.
لن أضيف هنا أكثر من أن المقاومة الوطنية ستبقى وُجهة ووجه الجمهورية الوضّاء وقِبلة لكل من يطمح في إستعادة الحرية والدولة ومباهج الحياة وحق المواطنة والشراكة في وطن طالما رفعت وترفع هذه القلعة ( المقاومة الوطنية ورفاق سلاحها من عمالقة و تهامية) رايته وتضحي لأجله.