"ايرلو" ممتطياً الراحلة الحوثية في صرواح
الانتحار الذي تقوم به ميليشيات الحوثي الانقلابية على مشارف مدينة مارب، يعود بذاكرتنا إلى مطلع فبراير عام 1987م، عندما قرر قادة طهران احتلال مدينة البصرة العراقية، وزجوا بكل قواتهم وإمكانياتهم العسكرية لخوض معركتهم الحاسمة التي أطلقوا عليها "كربلاء 5" وبالمقابل أطلق الجيش العراقي حينها حملته الدفاعية تحت مسمى "التوكل على الله".
وفي نهايةأبريل من نفس العام انتهت المعركة وأزيح الستار عن النتائج التالية:
بلغت خسائر الإيرانيين قرابة 65 ألف جندي ما بين متطوعين وحرس ثوري، مقابل 18 ألف جندي عراقي، ومدينة البصرة لم يطأ ترابها جندي إيراني واحد.
ولعل المعركة التي تدور رحاها اليوم على مشارف مدينة مارب اليمنية لا تخرج عن كونها تكرارا للمشهد الإيراني بذات الصلف الفارسي الذي حدث على مشارف مدينة البصرة قبل ثلاثة وثلاثين عاما.
ولا يعني هذا أن التاريخ يعيد إنتاج نفسه كما يقال، ولكن حكومة إيران هي التي تعيد تكرار أخطائها العدوانية على البلدان العربية، بدافع تحقيق أطماعها التوسعية في المنطقة، فتقدم على جريمة التدخل في شئون بلداننا والعبث بأمن واستقرار شعوبنا العربية، منتهكة لحرمة كل القوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول وتحرم انتهاك سيادة البلدان أو التدخل في شئونها الداخلية من أي بلد آخر.
فالتدخل الإيراني السافر الذي يحدث في اليمن حاليا على مسمع ومرأى من هيئات الأمم المتحدة، ليس ببعيدٍ عما أحدثته إيران من عاهات ميليشاوية معيقة لبناء الدولة في كلٍ من العراق ولبنان، وهذا ما حاولت فعله في مملكة البحرين لولا تدخل المملكة العربية السعودية في تأمين دولة البحرين.
وفيما يتعلق بالشأن اليمني لم يعد خافيا على أحد أن إيران تحارب في اليمن بشكل مباشر منذ بداية العام الجاري خصوصا عندما أدرك قادتها، أن حاجة اليمنيين لسلام حقيقي قد حان وقتها، فسارعوا لإعلان ظهورهم المباشر والعلني ليتسنى لهم قطع الطريق أمام أي جهود دولية وإقليمية تسعى لإنهاء الحرب التي أشعلتها ميليشياتهم الحوثية الانقلابية .
فالمبعوث الإيراني "ايرلو" لم ترسله طهران بداية العام الجاري لمجرد تمثيلها الدبلوماسي في صنعاء كما تردد وسائل الإعلام، بل ليكون حاكمها الفعلي والمحتكر لقرارها السياسي في أي مفاوضات.
كون الحوثيين رغم تشيعهم وخيانتهم لشعبهم وأمتهم ليسوا في نظر قادة إيران سوى (شيعة شوارع) غير مؤهلين لاتخاذ قرارات مصيرية وإن كانت تتعلق بمصيرهم أنفسهم، فهم ليسوا أكثر من مطية أوجدتها إيران لتركب على ظهرها لتحقيق أجندتها الإقليمية فقط، ومن يعارض قرارات ايرلو في صنعاء يحدث له ما حدث للوزير حسن زيد.
ولا ندري كيف يتقبل أفراد الميليشيات الحوثية أن يتم الدفع بهم للانتحار الجماعي على مشارف مدينة مارب، الغالية على قلب كل إنسان يمني، لكي تتمكن طهران من استثمار أكبر عدد من قتلى الميليشيات في مفاوضاتها الإقليمية والدولية، بدون أي وازع من دين أو ضمير حيال دماء وأرواح اليمنيين.