الذراع السياسي لبندقية المقاومة الوطنية
شكلت البندقية مفتاح البداية من قلب صنعاء لمواجهة مشروع المليشيات الحوثية الإمامية وكانت المقاومة وانتفاضة ديسمبر مشروعا وطنيا تخلق من وحي النضال ضد المزيج الحوثي الفارسي الذي يستهدف اليمن والعروبة معا.
وتمثل البدايات دوما سنام أي تحرك مقاوم عسكري أو سياسي أو حتى جماهيري ولذلك كانت معركة صنعاء هي بسملة المشروع القادم والمولود الجديد الذي زرع وتد سارية الراية بكوكبة من شهداء أبطال احتضنتهم تربة صنعاء العروبة.
بدأ العميد طارق صالح مع مجموعة من رفاق البندقية والعسكرية بإطلاق رصاصة الثورة من جوار النصب التذكاري للنسر الجمهوري الذي يحلق بجناحيه على ميدان السبعين ورغم جحافل المليشيات الإمامية وفارق القوة في العدد والعتاد إلا أن القادة والمحاربين لا ينتظرون حسابات أو معادلات حين يكون الهدف ساميا وعظيما كالوطن.
وكما هو معلوم تقاس المعركة الوطنية بالنتائج الدائمة والمصيرية وليس بالمحصلة الوقتية، لذلك كانت انتفاضة ديسمبر هي صرخة الولادة لمشروع وطني جديد يستمد عقيدته الوطنية من روح 26 سبتمبر ويعمل على إعادة الجمهورية بروحها السبتمبرية ومكاسبها التي تحققت طيلة أكثر من نصف قرن على كل المستويات.
من شمال اليمن في صنعاء أطلق القائد العميد طارق صالح رصاصة البداية، ومن شرق اليمن في شبوة ظهر ليطلق بشارة العودة إلى المعركة، ومن عدن جنوب اليمن بدأ الإعداد للمواجهة والاستعداد للنزال المصيري، ومن غرب اليمن في تعز والحديدة أعلن ساعة الصفر للتحرك واستئناف المعركة الوطنية ضد الإمامة بنسختها الحوثية.
رحلة مشروع وطني بدأ من الشمال وإلى الشرق ومن الجنوب تحرك غربا، حتى مصادفات الجغرافيا كان لها حضور حمل رسالة بأن المقاومة الوطنية اليوم ليست فقط ألوية عسكرية للقتال بل مكونا وطنيا أصيلا بذراع سياسي وحضور سيتجاوز حدود اليمن إلى كل من له إسهام مع اليمنيين لاستعادة وطنهم المسلوب.
لا يمكن لأي مشروع نضال وطني أن يحلق بجناح واحدة لذلك كانت قيادة المقاومة الوطنية تدرك أن الحضور السياسي سيعمل على تقديم مشروعها النضالي بالصورة التي ينتظرها الحلفاء ورفاق المواجهة مع مليشيا الإمامة ومشروعها الكهنوتي والطائفي.
وكما كانت، وما زالت، المقاومة الوطنية بكل وحداتها ذات وجهة واضحة ومحددة منذ البداية، صوب الحوثي باعتباره العدو المركزي الأوحد، فيما كل فصائل الكفاح المسلح شركاء ورفاق سلاح ونضال، فإن المكتب السياسي سيمثل أيضا رافدا جديدا للعمل السياسي في البلاد، بعيدا عن الصراعات والمناكفات الهامشية.
وسيراعي التوجه العام للمكتب السياسي البعد المحلي والوطني والدولي لذلك لن يتم إغفال الساحل الغربي وأبنائه الذين شكلوا حاضنة وسندا للعمل العسكري والوطني لوحدات المقاومة الوطنية كما أن كل مكون سياسي أو مجموعة أو أفراد تلتقي معهم المقاومة الوطنية في هدف النضال ضد المليشيا الإمامية سيكون خط السير معهم مشتركا.
ما تحتاجه اليمن في هذه المرحلة هو نشاط فاعل ومكون جديد يضخ إلى دورة العمل السياسي فكرا وممارسة سياسية ذات بعد وطني متحررة من قيود الصراع الإيديولوجي بين اليسار واليمين، ومنفتح على الجميع لتعزيز الحضور والتمثيل لمطالب الجماهير وتطلعات النخب الوطنية.
المقاتل في الميدان مالم يكن هناك تمثيل سياسي يحمي تضحياته ويسوره بعقيدة وطنية صلبة فإن دوره البطولي في المعركة يبقى مكشوفا وتتنازعه توجهات مكونات ذات ارتباط بمشاريع ومقيدة بأجندات تجعلها غير قادرة على إنصاف البندقية وصيانة مكتسباتها الميدانية.
وعليه فإن الذهاب إلى بناء قوة سياسية توازي القوة العسكرية ليس الهدف منه اليوم الحصول على امتيازات سياسية بقدر ما هو إسناد للعمل العسكري المواجه للمشروع الإمامي، ومشاركة في النضال السياسي الوطني.