قمة تاريخية تؤذن بحقبة جديدة من السلام بين إثيوبيا وإريتريا
رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد يصل أسمرة لعقد محادثات سلام بين البلدين الخصمين، لأول مرة منذ نحو عشرين عاما.
وصل رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد وصل إلى العاصمة الإريترية أسمرة، حيث كان في استقباله الرئيس إسياس أفورقي.
ويلتقي قادة إثيوبيا واريتريا، البلدين الخصمين، لأول مرة منذ نحو عشرين عاما، بحسب ما أفاد الإعلام الإثيوبي الرسمي.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع وصل مسؤولون اريتريون كبار إلى إثيوبيا للقيام بأول زيارة رسمية بين البلدين منذ الحرب الحدودية (1998 – 2000) التي أدت إلى انهيار العلاقات بينهما.
وذكرت هيئة إعلامية مرتبطة بالحكومة ان “رئيس الوزراء الإثيوبي ابيي احمد ورئيس اريتريا اسياس افورقي سيلتقيان قريبا”.
ويأتي التحسن في العلاقات الدبلوماسية بعد مبادرة تصالحية قدمها ابيي الذي اعلن في وقت سابق هذا الشهر استعداد اثيوبيا لتسليم اراض استمرت في احتلالها رغم حكم مفوضية الحدود المدعومة من الامم المتحدة في 2002 بأن تلك الارض تعود الى اريتريا.
واستخدمت اريتريا ما وصفته بالاحتلال الاثيوبي غير الشرعي لتجميد العلاقات مع اديس ابابا، ولتبرير السياسات القمعية الداخلية ومن بينها نظام الخدمة العسكرية المفتوح الذي تقول الولايات المتحدة انه بمثابة سخرة.
واريتريا التي كانت منفذ اثيوبيا على البحر بمرفأيها عصب ومصوع، اعلنت استقلالها عام 1993 بعدما طردت القوات الاثيوبية من اراضيها في 1991 اثر حرب استمرت ثلاثة عقود.
وحينذاك تحالف متمردون اريتريون واتنية التيغري لاطاحة نظام هايلي منغستو الذي سقط في مايو 1991.
وادى النزاع الذي استمر من 1998 حتى 2000 الى مقتل اكثر من 80 الف شخص والى حرب باردة طويلة بين البلدين.
ومنذ اتفاق الجزائر عام 2000 الذي انهى الحرب، استغل رئيس اريتريا ايسايس افورقي رفض اثيوبيا للحكم الصادر بشأن الحدود لتبرير مجموعة من ممارسات القمع.
وبين هذه الممارسات سجن الصحافيين والمعارضين ورفض تطبيق الدستور واعتماد برنامج خدمة عسكرية اجبارية غير محدد بوقت تشبهه الامم المتحدة بالعبودية.
في هذا الصدد يقول ابراهام زيري الصحافي المنفي والمدير التنفيذي لمنظمة الآداب والحقوق “بي اي ان اريتريا” ان البلاد “توقفت طوال 20 عاما وكل شيء تمحور حول النزاع الحدودي”.
وقام رئيس الوزراء الاثيوبي ابيي احمد بالخطوة الاولى في يونيو من خلال الاعلان بأن اثيوبيا ستنسحب من بلدة بادمي وغيرها من المناطق الحدودية الخلافية، بحسب الحكم الصادر في 2002.
وردت اريتريا بارسال اثنين من كبار المسؤولين الى اثيوبيا، وبعد ذلك تم الاعلان عن لقاء بين ابيي وايسايس رغم عدم الاعلان عن اي تفاصيل تتعلق باللقاء.
من جهته، قال مايكل ولد مريم من كلية الدراسات العالمية في جامعة فريدريد س. باردي “اعتقد انه من الانصاف القول ان القيادة الاريترية ملتزمة بالتقارب السياسي”.
ولم تنسحب اثيوبيا من المناطق المتنازع عليها بعد، الا ان ذلك اذا حدث فسيلبي مطلبا اريترياً.
قال ابراهام من منظمة “بي اي ان اريتريا” ان العرض جيد لدرجة ان ايسايس لا يمكن ان يرفضه رغم ان ازالة التهديد الاثيوبي تجعله عرضة لضغوط داخلية عليه لتنفيذ اصلاحات.
واضاف “انه يعلم على الارجح ان هذا هو المخرج الوحيد. فاقتراح السلام والحوار بين الجانبين ليس خيارا بل ضرورة”.
وتعتبر اريتريا واثيوبيا من أفقر دول أفريقيا، ولكن فيما حقق اقتصاد اثيوبيا نموا كبيرا في السنوات الأخيرة، فقد عانى اقتصاد اريتريا من الركود.
ويعتقد المحللون ان تطبيع العلاقات سيفيد البلدين. فالصناعات الاريترية يمكن ان تخدم الاسواق النامية لجارتها الجنوبية الاكبر والاكبر من حيث السكان.
وقال مارك لافيرن من المركز الوطني للبحث العلمي في باريس ان “اريتريا ستكسب الكثير لأنها ستستطيع اللحاق بالزخم الاقتصادي الاثيوبي”.
ورأى ولد مريم ان تسوية النزاع مع اثيوبيا يمكن ان يدفع المستثمرين الاجانب الى البدء في التفكير في الاستثمار في اريتريا باعتبار انها لم تعد تخشى غضب اديس ابابا.
واضاف “من المرجح ان يؤدي تحسن العلاقات بين اثيوبيا واريتريا الى تلميع صورة اريتريا على الساحة الدولية”.
كما يمكن للسلام ان يساعد في حل مشكلة اثيوبيا المتمثلة في عدم وجود منفذ بحري لها بعد استقلال اريتريا المطلة على البحر الاحمر عام 1993.
ويرى محللون أن اي تغيير في سياسة الولايات المتحدة او دول الخليج تجاه البلدين وخلافهما يمكن ان يلعب دورا في التقارب الدبلوماسي بينهما.
وتتهم اريتريا الولايات المتحدة بالانحياز وتلقي اللوم عليها في عدم دفع اثيوبيا الى الالتزام بالحكم الخاص بالترسيم الحدودي ودعم فرض مجلس الامن الدولي عقوبات عليها.
وقال ولد مريم ان الولايات المتحدة ربما قررت ان الوقت حان للعثور على حليف جديد بعد ان سمحت جيبوتي، جارة اثيوبيا واريتريا التي تستضيف قوات اميركية كذلك، للصين بفتح قاعدة عسكرية على اراضيها.
واضاف "بالتأكيد بسبب التطورات الجيوسياسية في منطقة البحر الاحمر — وجود الصين في جيبوتي خصوصا — فإن للولايات المتحدة مصلحة في تطبيع العلاقات مع اريتريا”.
وفي السنوات الاخيرة عززت اريتريا علاقاتها مع السعودية والامارات التي قيل انها فتحت قاعدة عسكرية في ميناء عصب الجنوبي في اريتريا.
ونظرا لان هذين البلدين هما كذلك حليفين لإثيوبيا فقد رأي البعض أن دولا خليجية تلعب دوراً وراء الكواليس.
واضاف لافيرن "هذه الدول تمد اريتريا بالمال. ومن المؤكد انها لعبت دورا في قرار ايسايس للتفاوض".
نقلا عن صحيفة العرب اللندنية.