أحدث اغتيال السياسي الحوثي حسن زيد إرباكا واضحا أظهره التعاطي المسرحي الهزيل مع القضية، أوحى حقا أن هذه الجماعة أضعف بكثير عما تحاول أن تبدو عليه، وعبر في واقع الأمر عن حالة القلق والتشرذم اللذين تعيشهما، ويبدو أنهما سيكونان من بين أهم الملفات على طاولة الحاكم العسكري الإيراني حسن إيرلو.
 
قبل يومين فقط من الفعالية السياسية والتعبوية الأهم للحوثيين تحت غطاء المولد النبوي، وفي ظل إجراءات أمنية مشددة تقع حادثة بحجم اغتيال وزير في الحكومة الحوثية وسط العاصمة صنعاء التي تتباهى المليشيا أو تروج لتميزها باستقرار أمني، برزت هشاشته، سواء كان الاغتيال اختراقا للسياج الأمني الحوثي، الورقي في حقيقته، أو كان في إطار صراعات حوثية داخلية بين مراكز استقطابات باتت غير قادرة على التعايش تحت مظلة عبدالملك الحوثي، رغم الأخطار المحيطة بها، شعبيا وسياسيا وعسكريا.
 
شماعة الفشل دائما جاهزة في كرتونة إلقاء المسؤولية على "دول العدوان بقيادة أمريكا وإسرائيل" وسرعان ما قُدمت للقطعان الحوثية لابتلاعها كالعادة دون أية محاولة لطرحها على أي قدر من المساءلة والتأمل، وإن من باب شكر الله على نعمة العقل التي ميز بها الإنسان عن غيره من الكائنات.
 
صورة الذراع الأمني اليقظ والطويل هي كل ما يهم القيادات الحوثية أمام قطعانها، إذ لم تمض 24 ساعة على الاغتيال حتى تنقل وسائل الإعلام الحوثي على لسان رئيسها المستخدَم المشاط ووزارة داخليتها، الإنجاز الأمني الخارق للطبيعة، في القبض على منفذي عملية الاغتيال وتثمين الإنجاز والحث على سرعة تقديم المضبوطين إلى القضاء لينالوا جزاءهم " العادل" كما قال المشاط، فكان حديثه عن "مرتكبي" الاغتيال. وفي رواية ثانية قتل أحد "مرتكبي" وضبط ثانٍ، وتبين للقطعان أن مخابرات " دول العدوان بقيادة أمريكا وإسرائيل" تقف وراء العملية، ما يوحي أن تحقيقا تم مع المضبوط. وفي الرواية الأخيرة كان المضبوط قد توفي متأثرا بجروحه قبل التحقيق معه، ولا مجال هنا للسؤال عن كيف تمت معرفة أن "دول العدوان بقيادة أمريكا وإسرائيل" هي الضالعة في الاغتيال؟! أم أن المسألة مجرد عدم تفويت أية حادثة دون استغلالها في المسار التعبوي للقطيع حتى إن كان ذلك على حساب دماء أحد قياديي الجماعة ومشاعر أسرته. ربما ستكون مهمة الاعترافات الخلوية أمام الكاميرا من اختصاص المشاركين الإثنين الآخرين المفترض أنهما ما يزالان فارين من الأمن الحوثي اليقظ.
 
أربعة أسماء طرحتها المليشيا الحوثية على أنها "الخلية" المنفذة لاغتيال حسن زيد، وبمجرد نشر الصور والبيانات عنهم حتى تقاطرت معلومات في مواقع التواصل الاجتماعي تؤكد أن المتهمين المفترضين هم بالأساس سجناء لدى المليشيا منذ سنوات، فكيف خرجوا من السجن لتنفيذ الاغتيال، وفقا لتهكمات ناشطين يرجحون أن الاغتيال أتى ضمن الصراعات الحوثية البينية، خصوصا وقد تورط زيد في انتقادات لتصريحات مسؤولين إيرانيين اعترفوا بدعم إيران العسكري للحوثيين.
 
حاصل الحال أن الارتباك الإعلامي الحوثي في قضية اغتيال حسن زيد يكشف فشل المليشيا في تأليف وإخراج وأداء مسرحية تمثيلية مقبولة لغير قطعانها، ناهيك عن قدرتها الفعلية في التعاطي المسؤول مع ملفات الساحات اليمنية والإقليمية والدولية، بما فيها الملف الأمني الداخلي الذي صمّت آذاننا بإبداعاتها فيه.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية