في رمضان يتضاعف في محافظة إب المقهورة حجم الابتزاز الحوثي، ويستفحل فيها موسم النهب بصورة استثنائية عن بقية المحافظات المنكوبة بسيطرة مليشيا الحوثي..لمليشيا الكهنوت أسلوب خاص للتعامل مع اب، وطريقة قاسية في استلاب أهلها تحت ذرائع شتى، لكن في رمضان يحل عليها طوفان الجبايات من استخلاص للضرائب، ضرائب ممتلكات ومحلات وعمال وزكاة المحلات والأفراد والمزارع وحق الصحة والبلدية وتحسين مدينة، مسميات كثيرة لا آخر لها غايتها جني الجبايات واختلاس الأموال قانونية كانت أو تعسفية.

حملات مسعورة وأرتال من المتهبشين باسم الدولة، ونشاط موسمي لكل العاملين في مؤسسات الزكاة والضرائب والأوقاف والتخطيط والمنشآت، عملية حصاد سنوي تجتاح المدينة بشوارعها وأزقتها وحاراتها، وبنفس الوتيرة يحرك المشرفون قواتهم للوثوب في مختلف مديريات المحافظة وقراها، لا بائع متجول أو فلاح مستأجر أو فراش متنقل يمكنه الإفلات من سطوة الابتزاز بمبالغ مهولة تتجاوز قدرة الدفع أو رأسمال الدافع، ويتم الزج بكثير من المعسرين في السجون إن عجزوا عن تسديد تلك الإتاوات.

الإشكالية الكبرى في المحافظة أن تحصيل تلك الجبايات يفوق أسعارها الرمزية في بقية المدن عشرة أضعاف، وكأن المحافظة قطاع منفصل وموطن اعتاد الدفع المبالغ نظراً لاعتبار المدينة مصدراً لثراء قيادتها ومشرفيها والقائمين عليها التابعين للجماعة، ولا يمتلك أهلها وسيلة للامتناع أو طريقة للرفض، وانصياعهم لذلك النهب الجارف مفروغ منه مهما كان متعسفاً فقد ألفه المواطنون ورضخوا له تجنباً للعقاب والتنكيل وخسارة ما يملكونه كلياً إن تصدوا لما يحيق بهم من استلاب وقاوموا ذلك المصير المشؤوم.

لم تمر هذه الحملات بسلام بالنسبة لأبناء إب، فقد تعرض كثير من التجار وأصحاب المحلات للاعتداءات الشرسة من ضرب واعتقال وهدر لممتلكاتهم، وكل يوم ينشر ناشطون محليون مقاطع مصورة توثق لحظة الاعتداء التي طالت الكثيرين ممن استهجنوا تلك الممارسات غير القانونية التي لا تمت بصلة لرجال دولة وإنما لعصابة إجرامية أدمنت استلاب أموال الآخرين معتبرة إياهم غنيمة حرب وأصحابها مجرد حراس لها عليهم الدفع كلما أمروا بذلك.

لقد طفح الكيل في إب وبلغ البؤس فيها مبلغاً مزرياً ونفدت كل طاقة التحمل والصبر على عبث المليشيات بها، وتفشي سلوكهم الهمجي بأبناء المدينة المسالمين، لكن التحلي بالصبر الذي دأبت عليه المحافظة جعلها مسرحاً لفوضى الاستلاب وساحة مفتوحة لكثير من الجرائم والانتهاكات التي لا تبرح أرضها لحظة، بل إن القمع الوحشي فرض على المدينة طوقاً أمنياً حازماً وأتاح لجلاديها ارتكاب أشنع أفعال البلطجة والسطو وتكتيم إعلامي مطبق على المكان، وغياب تام لأية مظاهر الحقوق المدنية والحريات الإنسانية، فقد أصبحت إب تعج بعشرات المعتقلات والسجون الرسمية والمستحدثة وفي كل دائرة حكومية أو مركز مليشاوي قبو للاعتقال.

أوجاع إب لا حد لها، وأنين أبنائها يبعث التأسي على حالهم المزري المفتقر لأدنى معايير الإنسانية، إزاء النهب والقمع والجوع والجرائم المنظمة التي تمارسها مافيا الحوثي فيها كل يوم.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية