وداعا القلم الشهيد !!
رحل الزميل أحمد الرمعي شهيدا في ميدان المعركة، وهو الصحفي المؤتمري العتيد ، سكرتير صحيفة الميثاق، ثم مدير تحريرها، الذي سَخَّرَ خبراته الفنية والصحفية للرسالة الوطنية والسياسية والتنظيمية للمؤتمر الشعبي العام، لأكثر من ربع قرن، كما عمل قبل ذلك في صحيفة 26 سبتمبر، وغيرها من الصحف.
و كان لإبداعه الفني وقلمه الرشيق ولسانه الساخر دورا مميزا ونكهة خاصة.
انحاز في حياته لقيم الحرية، والمدنية، والحداثة، وسَخِرَ من كل القوالب السياسية التقليدية الجامدة التي اعاقت مسيرة الوطن.
أخلص لقيم الجمهورية والوحدة والديمقراطية، والحرية، ودفع حياته ثمنا لتلك القيم من خلال نضاله وصموده في جبهة الساحل الغربي متطلعا إلى استعادة الدولة المخطوفة والوطن السليب.
جمعتني بأحمد الرمعي ذائقته الفنية واللغوية والبلاغية، كان يحفظ جل قصائدي بمجرد أن يطبعها أو يخرجها، كان شغوفا بالشعر والبيان وقارئا مميزا، لطالما أسعفني بذاكرته كلما عجزت عن تذكر قصيدة أو مقطعا شعريا.
نشأت بيني وبينه علاقة شعرية حميمة، فخصصته بقصيدة في مجموعتي الشعرية الثانية (الجبال التي أنكرتني) الصادرة عام 1999 بقصيدة بعنوان " سفر إلى الداخل"
رحمك الله يا أحمد.
(سفر الى الداخل)
1
كيفَ أُلْقي شجوني
إليكَ؟
وأنتَ تفتّشُ..في قلبِكَ الغضِّ
عن مرفأٍ للجنونْ
2
أنَّى أبوحُ بحزني
وهذي الأماسي
تحاصرُ أُغنيتي
والمرايا..
تُكَسِّرُ وجهي..
على عتباتِ العيونْ
3
يبحرُ الكونُ
في مقلتي
كلما سافرَ الليلُ في نفسِهِ
أو غَدَتْ
نجمةُ القلبِ غائرةً
في سماءِ الظنونْ
أيُّ شيءٍ أكون؟
أيُّ شُبّابةٍ
هزَّها الريحُ
فانتحَبَتْ داخلي..؟
4
أيُّ نهرٍ
سقى هذه الأرضَ
يا أحمدُ الرُّمعيُّ
وأيُّ المواسمِ
تنداحُ
في الشاعرِ؟
5
ذًكًرْتُكً..
والأملُ المتطايرُ
كالشوقِ يغمرُنا
بالمواعيدِ والقاتِ
والألقِ الحاضرِ
6
مَنْ تلك؟
يا أحمدُ الرمعيُّ
تُجدِّفُ في نهرِك العذبِ؟
ماذا تخبىءُ في كُشْحِها للجمالِ
وللفتيةِ الظامئين؟
7
أعرفُ ..أني يقينًا
على ظمأٍ سوف أمضي
وأنّ المواسمَ قد أجْدَبَتْ
في شبابي..
وأنّ عذابي.. يظلُّ
على صفحةِ العمرِ..
دوماً عذابي.
8
لا تبتئسْ
إن نأيتُ عن الفرْحِ
أو غَمَرَ القلبَ..
موجُ اغترابي !!