مكالمة لم تكن صادمة.. بل شهادة قومية جديدة لمواقف ثابتة لزعيم استشهد حاملًا بندقيته
قال: نحن نقول سرًا وعلنًا، وموقفنا قومي عربي إسلامي ثابت مع القضية الفلسطينية، وضاف معاتبًا: لدينا معكم عتب، وقلنا لكم: ماذا قدّمت الصواريخ للشعب الفلسطيني؟ كم قتلت من إسرائيليين وكم قتلت إسرائيل من الفلسطينيين؟ وماذا حقّقت من حلول؟
هذا الحديث الذي جرى في مكالمة بين الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، وخالد مشعل بحسب إعلام ذيول إيران الحوثيين، ووُصف من بأنه "مكالمة صادمة"، هو في حقيقته تأكيد لمواقف راسخة وثابتة، لزعيم كان يتألم على الدم الفلسطيني أكثر ممن يدعون القتال باسمه.
الفرق الجوهري والواضح بيننا وبين أولئك أن ألمنا حقيقي على كل قطرة دم فلسطينية، نُعبّر عنه بوضوح، ونسعى- بوضوح أيضًا- إلى حقن الدم والدفاع عن القضية بما يخدمها، لا بما يقضي عليها أو يدمّر ما تبقى منها.
وإن كان في المكالمة ما يمكن اعتباره "صادمًا"، فهو مطالب مشعل، الذي بعد كل تصرف أحادي يرمي أخطاءه على العرب بدل تحمل المسؤولية. كما أن حديث خالد مشعل في المكالمة عكس غياب رؤية واضحة في مواجهة عدوٍّ هو عدو الجميع.
أما المزايدون اليوم باسم فلسطين، أذيال طهران الحوثيين وشاكلتهم فقد انكشفت حقيقتهم بعد فضيحة "نصرة فلسطين" الزائفة، حين سلّموا غزة اليوم لمشروع التصفية-الذي لا تزال الدول العربية تقف لهذا المشروع بكل الإمكانيات- ووقّعوا اتفاقيات تنص على تشكيل قوى أجنبية للانتشار في الجسد العربي، بعد أن سبق لهم استدعاء قوى العالم لاحتلال البحار العربية. ثم عادوا اليوم للبحث عن مخرج من خياناتهم عبر رميها على أصحاب المواقف الواضحة والثابتة.
نحن في اليمن، وبقيادة الزعيم البطل- رحمه الله- أكثر الأوطان العربية التي دفعت ثمن موقفها إلى جانب القضية الفلسطينية والمواقف القومية العروبية، كما دفعنا ثمن موقفنا في قادسية صدام ضد المد الإيراني في العراق، ولسنا نادمِين على هذه المواقف؛ فلو عادت بنا الأيام، لكانت المواقف هي ذاتها، ولن تتغير.
على أحذية إيران أن تبحث لها عن سلالم أخرى تتسلقها لإخفاء خياناتها وتسليمها المنطقة العربية للأعداء. وعلى أذناب طهران من الحوثيين وأشباههم أن يبحثوا عن أسطوانات مختلفة يرمون فوقها بيع غزة وقياداتها التي تم تصفيتها في أراضيها، فلم يُسجَّل لإسرائيل توغل أو تصفية ممنهجة للقضية الفلسطينية إلا بعد أن توغّل هؤلاء في جسد الأمة العربية.
أما علي عبدالله صالح، فقد أثبتت الأيام- حتى هذه اللحظة- أنه كلما حاولوا رسم صورة معاكسة لحقيقته القومية والبطولية، زاد إيمان الناس بأنه كان عروبيًا ومدافعًا صادقًا أكثر من غيره، ولو لم يكن كذلك، لما استُشهد وهو يحمل بندقيته دفاعًا عن جمهوريته وقوميته.
ويكفيه شرفًا أنه تحدّث في أيامه الأخيرة عن القضية الفلسطينية ومواقفه منها، وهو يدرك أن من جاءوا لقتله إنما جاءوا بسبب مواقفه العروبية والقومية الثابتة.









