رابط المواطنة المتساوية وروابط (دي ان اي)
عقب 30 عاما من توافق اليمنيين على دستور يؤكد المواطنة المتساوية بين جميع أفراد الشعب بغض النظر عن جذورهم العرقية وألوانهم والنوع الاجتماعي وحتى أديانهم ومعتقداتهم ومشاربهم الفكرية؛ يحاول الحوثي اليوم فرز أبناء الجمهورية اليمنية إلى مجموعات بشرية تنال بعضها امتيازات وحقوق تحرم منها أخرى.
هذه الفكرة الحوثية المقيتة سبق لشعوب أخرى أن عانت منها، لأنها تتنافر مع الفطرة السليمة وتناقض النظم الاجتماعية التي طورها الإنسان على مدى حقب زمنية طويلة، ومع أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين إلا أنه مستمر في تكريس فكرة الأفضلية، محاولا فرضها بترديد خطاب عنصري أبرز مصطلحاته التفضيل والاصطفاء والحق الإلهي في الحكم.
ومنذ يونيو الجاري دخل الحوثي مرحلة جديدة في تنفيذ هذه الأفكار العنصرية على أرض الواقع بفرز 3 مجموعات بشرية – حتى الآن- كل واحدة منها يجمع أفرادها رابط (دي ان أي) مشترك بمعيارية عنصرية كشفت عنها لائحة الزكاة أو ما تعارف عليها اليمنيون باسم "وثيقة الخمس".
ولا تكمن خطورة (خمس الحوثي) في أنها وسيلة جديدة لنهب عصابة الحوثي أموال المواطنين واقتطاع جزء من الدخل القومي للبلد، بل إن إحدى نقاط خطورتها هي الفرز المجتمعي بمعيارية الجذور العرقية للأفراد، في جريمة سبقها إليهم الفراعنة قديما والنازية أحدث مثال حيث رأت الشعب الألماني (صاحب الدماء الزرقاء) أرقى شعوب الكوكب الأزرق وما تبع ذلك من ويلات.
إذن خطورتها تكمن في أنه يريد الاستعاضة عن رابط المواطنة المتساوية بروابط جينية، فمجموعة البشر التي تحمل جينات متطابقة مع جينات سلالة الحوثي اصطلح على تسميتها (هاشمية)، ولهذه المجموعة العرقية -بحسب ما يريد تطبيقه الحوثي- امتيازات ومراتب وحقوق لا تنالها أي مجموعة عرقية أخرى بل إن معتقدات الحوثي ترى أن هذه المجموعات المتبقية وجدت لخدمة سلالته!
وبحسب معيارية (دي ان أي) الحوثية التي تريد تجذيرها في مجتمع تعددي آمن بالديمقراطية، وقوننتها عبر المؤسسات التشريعية التي تهيمن عليها في العاصمة المختطفة صنعاء، ستكون (القحطانية) ثاني تلك المجموعات العرقية، أما ثالثها فلم ينتظر زعيم العصابة كثيراً حتى أفرز مجموعة جديدة أسماها (أحفاد بلال).
وإذا جارينا هذه العصابة في هذا (العبط الجيني) فإن قائمة المجموعات البشرية في هذه البقعة الجغرافية ستتسع، فهناك اليمنيون البنيان وذوو الأصول الهندية وهناك أيضا ذوو الأصول الإفريقية وقديما كان (الأبناء) المهجنين نتاج تلاقح الفرس بالعرب.
نسيج ملون جميل يراد له التشظي، فقط لينفذ الحوثي رغباته الهتلرية ويطبق على البشر معتقدات مترسخة في العقل الجمعي لسلالته غير آبه بنتائج هذا الفرز والتي لن تقل بشاعتها عما جرى في رواندا بين الهوتو والتوتسي أو ما جرى في دول البلقان في نهايات القرن المنصرم.