يحلل استشاري الأورام وأستاذ الطب في جامعة باكنغهام، كارول سيكورا، الأرقام النهائية التي نشرتها وكالة "الصحة العامة في إنجلترا" التابعة لوزارة الصحة والرعاية الاجتماعية، ويقول في مقالة نشرها في "ديلي ميل" إن بإمكانه الآن أن يقول بثقة أن نهاية الوباء في الأفق في بريطانيا، وليس هذا فحسب، بل أن الأشخاص الذين هم في وضع أفضل لإعادة شحن الاقتصاد البريطاني، ليس لديهم ما يخشونه من الوباء.
 
وتبين تلك الأرقام، برأيه، أن "كوفيد 19" ليس قاتلاً عشوائياً، ولكنه قاتل يستهدف مجموعات محددة، عملياً كبار السن والأشخاص الذين يعانون من حالات سابقة، مثل مرض السكري أو الخرف، مشيرا إلى أن الإحصاءات من بريطانيا كانت مذهلة: فمن تزيد أعمارهم عن 80 عاماً هم أكثر عرضة للوفاة بسبب المرض بنسبة 70 مرة من أولئك الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً، في حين أن السمنة المفرطة تزيد من خطر الوفاة مرتين ونصف، ومعدل الوفيات بين الأطفال منخفض للغاية.
 
وكل هذا يعني أن التحدي يكمن الآن، برأيه، بإعادة عجلة الاقتصاد إلى العمل، وإعادة الأطفال للمدارس، والمستشفيات للعمل التشخيصي الأساسي والإجراءات الروتينية التي تم تعليقها، بعواقب مدمرة لم تظهر للعيان بعد. ويعني أيضاً عودة الشباب الأصحاء إلى المصانع والشركات التي يمكن أن تفتح من جديد في ظل تدابير احترازية معقولة.
 
ويعتبر سيكورا أن رفع الحجر التام سيكون أصعب بكثير، ويعود هذا جزئياً إلى واقع أن مخاطر "كوفيد-19" مبالغ بها كقضية سياسة عامة، ولأنه تم غسل أدمغة الناس لحالة من الخوف، لكن يرى أنه بعد معرفتنا بأن " كوفيد-19" هو قاتل انتقائي، يجب قبول أنه لا يمكن أن تكون لدينا مقاربة واحدة تناسب الجميع لناحية الحجر التام، فبعض الأشخاص أكثر عرضة للخطر من غيرهم، ويجب أن يعود إليهم الآن إجراء تقييم شخصي للمخاطر الفردية. وتلك قرارات تستند إلى مدى خوفنا وتقييمنا العقلاني للمخاطر التي تنطوي على أي فعل.
 
يجد طبيب الأورام أن الأرقام الأخيرة يجب أن تعمل كدفع معنوي للأشخاص الذي يمكنهم البدء في التفكير بالعودة إلى الوضع الطبيعي، فالبريطانيون معرضون للخطر بشكل غير متناسب وفقاً للإحصاءات، وأولئك الذين يعملون في المستشفيات لاحظوا العدد الكبير المثير للاكتئاب للإصابات بين زملائهم من أقليات السود والأسيويين والأقليات العرقية، الذين توفوا بـ "كوفيد-19" في الأسابيع الأولى للوباء.
 
وهذه الاتجاهات المزعجة تم تأكيدها، برأيه، بعد صدور بيانات "مكتب الإحصاءات الوطنية" في بريطانيا، والتي تبين أن الاشخاص من أصول بنغلاديشية من المرجح وفاتهم مرتين أكثر من البريطانيين المصابين. كما أن الأشخاص من أصول أفريقية وجنوب آسيوية وصينية ومن منطقة البحر الكاريبي معرضين أكثر لخطر الوفاة بنسبة تتراوح ما بين 10% إلى 50%. وفيما لا تزال الأسباب لذلك غير معروفة، فإنه يشير إلى احتمال تأثير العوامل الاجتماعية الاقتصادية، وتفسيرات أخرى تعزى ذلك جزئياً لارتفاع خطر الإصابة بأمراض الكلى في جنوب آسيا، أو أسباب جينية لم يفهمها العالم بعد.
 
وما يراه أخباراً مشجعة هو انخفاض عدد الأشخاص الذين يموتون بـ "كوفيد-19" إلى 2872 في الأسبوع المنتهي بتاريخ 22 مايو، مقارنة بـ 3810 في نهاية الأسبوع الذي سبقه. كذلك انخفاض فرص الإصابة بالعدوى لحوالي واحد في الألف بالمقارنة مع واحد لكل أربعين شخصاً في ذروة المنحنى، مشيراً إلى أن "كوفيد -19" في معظم أجزاء العالم، باستثناء أميركا اللاتينية، كان يظهر علامات عن تراجع.
 
وفيما يؤكد سيكورا أهمية عدم تجاهل حصول ارتفاعات مفاجئة في المرض كما حصل مع كوريا الجنوبية، وغيرها من مدن البلاد الشمالية، مما يتطلب يقظة شديدة وتدابير محلية سريعة عند الضرورة، يشدد على ضرورة عدم الخوف.
 
هو يقر في النهاية أن زملاءه يصفونه بالشخص كثير التفاؤل، وهو يؤكد أن شعورا يسري داخله يخبره بأننا سنكون قد تجاوزنا على حد كبير كل ذلك بحلول شهر سبتمبر.
 
عندما ينتهي كل ذلك، يقول: "يجب أن نبذل قصارى جهدنا كي لا نخرج إلى "الوضع الطبيعي الجديد"، تلك العبارة التي يصفها بالمبتذلة الكئيبة لما تشير إليه من مستقبل ممل ومقيد، بل إلى "الوضع العادي القديم" فيما نستعيد حياتنا السابقة". ومن خلال المرونة من ساسة بريطانيا والتطبيق الحكيم لأحكامنا الفردية الخاصة، فإن مثل هذا النهاية لم تعد تبدو مستحيلة، حسب قوله.
 
المصدر: صحيفة البيان

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية