إجراء إصلاحات سياسية شاملة كان أهم ما تعهد به الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في إطار الاستجابة لمطالب الحراك الشعبي، الذي انطلق في الثاني والعشرين من فبراير من العام الماضي، وعلى رأسها تعديل الدستور، لكن العملية لا تخلو من جدل.
 
 
ففي شهر يناير نصب الرئيس الجزائري  لجنة خبراء في القانون، وأسند لها مهمة إعداد مشروع دستور جديد للبلاد، لعرضه للمشاورات العامة مع الطبقة السياسية ومناقشة البرلمان، على أن يطرح بعد ذلك للاستفتاء الشعبي.
 
وبعد أشهر من العمل طرحت لجنة الخبراء مسودة دستور، تضمنت ستة محاور، تقول الرئاسة إنها ليست سوى أرضية للنقاش ومنطلقا لتعديل الدستور تعديلا شاملا. وتضمن المشروع في ديباجته ما وصف بـ "دسترة الحراك الشعبي".
 
ومن أهم المقترحات التي جاءت في المسودة هي عدم ممارسة أكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين، مع إمكانية تعيين الرئيس نائبا له، وألغت حق التشريع للرئيس في العطل البرلمانية.
 
كما استبدلت الوثيقة منصب الوزير الأول بمنصب رئيس الحكومة وعززت صلاحياته.
 
وفي الجانب البرلماني، حددت المسودة عهدتين برلمانيتين متاليتين فقط للنواب.
 
أما في الجانب القضائي، فقد اقترحت الوثيقة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء دون وزير العدل والنائب العام، مع رفع عدد القضاة المنتخبين في المجلس واستبدال المجلس الدستوري بالمحكمة الدستورية، ومنحها بعض الصلاحيات التي لم تكن تحوزها في السابق.
 
في الجانب العسكري، تقترح إمكانية مشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة، وحتى السماح للرئيس بالتدخل عسكريا خارج الحدود بعد موافقة البرلمان.
 
وأكدت على ترسيم اللغة الأمازيعية لغة رسمية للبلاد، وزادت على ذلك بوضعها ضمن الأحكام الصماء التي لا تخضع للتعديل الدستوري. وحظرت وثيقة الدستور أيضا خطاب الكراهية والتمييز.
 
أما في الجانب الاقتصادي، فألغت المسودة قاعدة الاستثمار 4951 بالمئة، التي تمنع المستثمر الأجنبي من امتلاك أكثر من 49 بالمئة من أي مشروع في الجزائر.
 
التعديلات الواردة في مشروع تعديل الدستور تباينت بشأنها الآراء، بين مرحب ومتحفظ ومطالب بسحبها.
 
صلاحيات الرئيس
 
وقال أستاذ القانون والعضو السابق في المجلس الدستوري، عامر رخيلة، لموقع سكاي نيوز عربية، إن وثيقة الدستور المقترحة "لم تقلص من صلاحيات الرئيس الواسعة"، محملا لجنة صياغة الوثيقة بأنها خيبت الآمال ولم تلتزم بوعود الرئيس في تقليص الصلاحيات.
 
في ذات الاتجاه، يذهب أستاذ القانون الدستوري مختار خمييلي، في عدم تقليص صلاحيات الرئيس باستثناء منعه من التشريع بأوامر في العطل البرلمانية.
 
وأضاف لسكاي نيوز عربية، أن تعيين نائب للرئيس "أمر غير مقبول في ظل نظام شبه رئاسي، خاصة مع وجود رئيس مجلس الأمة الذي يخلف الرئيس في حالة وجود مانع من ممارسة صلاحياته، لحين انتخاب رئيس جديد".
 
وحسب الناشط السياسي إسلام بن عطية، فإن المسودة "لا ترقى لمستوى تطلعات الشعب والنخب السياسية من أجل تغيير حقيقي، عقب الحراك الاحتجاجي الذي طالب بالقطيعة والتأسيس لنظام جديد".
 
واستطرد قائلا لسكاي نيوز عربية، أن لجنة كتابة الدستور لم "تملك السلطة التأسيسية بشهادتها، وبالتالي فإنها اكتفت بتغييرات شكلية على مشروع الدستور بدلا من إحداث تغيير عميق".
 
أما قضية مشاركة الجزائر في حفظ السلام تحت مظلة الأمم المتحدة، فالبعض رحب بها، بينما اعتبر آخرون أنها ستنعكس سلبا على الجيش وقدراته.
 
وتوقيت طرح وثيقة الدستور كان محل جدل أيضا، إذ شككت بعض الأطراف في نوايا السلطة بالنظر إلى توقيت طرح المسودة، فقد جاءت في وقت تعيش فيه البلاد تحت حجر صحي ومنع للتجمعات، وبالتالي لا يمكن فتح نقاش حقيقي بشأن مسودة الدستور.
 
أمر يرى البعض أنه سيكون في صالح السلطة لتمرير مسودة الدستور، لكن الأخيرة ردت من خلال الناطق باسم الرئاسة، بلعيد محند سعيد، قائلة إن طرح المشروع في هذا الوقت جاء "استجابة لإلحاح الفاعلين السياسيين".
 
ونفى الناطق باسم الرئاسة، أي خلفيات لطرح مسودة الدستور في وقت الحجر الصحي، مؤكدا أن نقاش المعنيين سيكون من خلال تقنيات التواصل المرئي.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية