المئات من مسلمي الروهينغا عالقون في البحر «بلا أمل»
منذ أكثر من شهرين، تتأرجح ثلاثة قوارب خشبية مليئة باللاجئين الروهينغا الفارين من ميانمار في المنطقة الواقعة بين خليج البنغال وبحر أندامان حيث ترفض كل من بنغلادش وماليزيا استقبالهم، الأمر الذي تسبب في وفاة عدد كبير منهم.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإنه اعتباراً من هذا الأسبوع، لم يعد بإمكان الجماعات الحقوقية التي كانت تحاول تعقب هذه القوارب بواسطة الأقمار الصناعية رؤيتها، حيث اختفت القوارب الثلاثة فجأة عن الأنظار، وكان كل قارب فيهم يحمل مئات من مسلمي الروهينغا.
وامتنعت الحكومة البنغالية عن قبول هذه القوارب، بحجة أنها استقبلت بالفعل الكثير من الروهينغا وتحملت عبء أزمة اللاجئين أكثر بكثير من أي دولة أخرى، كما رفضت ماليزيا أيضا السماح للقوارب بالرسو على أراضيها وسط تفشي فيروس كورونا المستجد.
ونتيجة لذلك لم يكن لهذه القوارب مكان آخر تذهب إليه فظلت عالقة وسط البحر.
يأتي ذلك في الوقت الذي ناشدت فيه الأمم المتحدة المجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل بعد موت العشرات من ركاب هذه القوارب.
ومات المئات من ركاب هذه القوارب وهم يحاولون الوصول إلى ماليزيا، حيث تم رمي بعضهم في البحر من القوارب ذات الحمولة الزائدة.
وقال بعض الناجين في مقابلات أجروها مع عدد من الوسائل الإعلامية إنهم اعتادوا على الإيقاع اليومي للجثث التي يتم رميها في البحر.
وفي يوم 17 أبريل (نيسان) الماضي، توفي أكثر من 30 لاجئا من الروهينغا على متن أحد هذه القوارب، فيما انتشل خفر السواحل البنغالي نحو 400 شخص قالوا إنهم يعانون من الجفاف وسوء التغذية، ويحتاجون إلى رعاية طبية فورية، فيما تعرض عدد كبير منهم لإيذاء بدني على أيدي تجار البشر.
وسترحل السلطات البنغالية 382 شخصا منهم بالطائرة إلى ميانمار.
بالإضافة إلى ذلك، يقتل الكثير من ركاب هذه القوارب على يد مهربي البشر الذين يطالبونهم بدفع أموال أكثر من المتفق عليهم لتهريبهم.
وفي عام 2015. عثرت الشرطة الماليزية على قرابة 140 من القبور والأقفاص المصنوعة من فروع الأشجار في مخيمات بغابة قرب الحدود التايلاندية، حيث توصل المسؤولون إلى أن هذه القبور خاصة بأشخاص من الروهينغا كانوا يحاولون شق طريقهم إلى ماليزيا، إلا أن مهربيهم اختلفوا معهم على تكاليف تهريبهم، ليقتلوهم في النهاية ويدفنوهم في هذا المكان.
ولطالما كانت الغابات الكثيفة في جنوب تايلاند وشمال ماليزيا نقطة رئيسية لتوقف المهربين الذين ينقلون مهاجرين إلى جنوب شرقي آسيا بقوارب من ميانمار وبنغلادش.
وتقول جماعات حقوقية إن سلطات جنوب شرقي آسيا، برفضها منحهم المأوى، تحكم على العديد من الروهينغا بالإعدام.
وقال ستيفن كورليس، ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بنغلادش: «تحملت بنغلادش مسؤوليات ثقيلة للغاية تجاه اللاجئين الروهينغا ويجب ألا تُترك وحدها للتعامل مع هذه التحديات. لكن إبعاد الناس اليائسين لا يمكن أن يكون الحل».
وقال محمد يوسف، وهو إمام كبير في أحد مخيمات اللاجئين في بنغلادش: «أشعر بالرغبة في البكاء وأنا أدرك وضع إخواني وأخواتي الذين ما زالوا عالقين في أعماق البحار».
وأشار يوسف إلى أنه، هو ورجال دين آخرون، نصحوا العائلات بعدم القيام بهذه الرحلات البحرية المحفوفة بالمخاطر.
إلا أنه أضاف قائلا «إن الشعور باليأس في المخيمات، حيث يعاني مئات الآلاف من الأشخاص من نقص العمالة المزمن، دفع الروهينغا إلى وضع حياتهم في أيدي المهربين وتجار البشر. يجب معاقبة هؤلاء التجار، بدلا من معاقبة الروهينغا الأبرياء».
ومن جهته، قال سراغول مصطفى، الذي يعيش في مخيم كوتوبالونغ: «يبحث الناس دائماً عن حياة آمنة ومستقبل أفضل. السماسرة يواصلون إغرائهم. إنهم يخاطرون دون معرفة العواقب».
وأشار لاجئ آخر بنفس المخيم، ويدعى محمد نور، إلى أنه في الوقت الحالي «لا يوجد أي أمل في حل مشكلة الروهينغا».
يذكر أن ولاية راخين المضطربة بميانمار تشهد اشتباكات منذ أواخر عام 2017. بين الجيش والروهنيغا، الأمر الذي أدى إلى نزوح أكثر من 730 ألف شخص من الأقلية المسلمة إلى البلاد المجاورة.
المصدر: الشرق الأوسط