تفاقم الأوضاع المعيشية إلى درجة غير مسبوقة مع الأيام الأولى لشهر رمضان المبارك ليعوداللبنانيون إلى الشارع مجددين انتفاضتهم التي كانت قد بدأت في 17 أكتوبر/تشرين الأول، وتراجع زخمها بعد تشكيل حكومة حسان دياب ومن ثم دخول لبنان في مرحلة مواجهة وباء كورونا. 
 
تلك التحركات التي كانت محدودة يوم الأحد الماضي، تحولت إلى عنيفة ليل الثلاثاء، حيث استخدم الرصاص وأعلن صباح أمس الثلاثاء، عن وفاة شاب متأثراً بجروحه، وهو ما أسهم في توسع دائرة الاحتجاجات لتشمل مناطق عدة وتحتدم المواجهات، حيث عمد المتظاهرون إلى إحراق عدد من المصارف.
 
وتعد مدينة طرابلس التي انطلقت منها اليوم شرارة الانتفاضة مجدداً، من أكثر المدن فقراً في لبنان وإن كان، للمفارقة، يتحدر منها عدد من السياسيين يعتبرون من الأغنى في العالم.
 
ووفق بعض الإحصاءات، قبل الانتفاضة الشعبية، يعاني 57 في المئة من عائلات طرابلس من الحرمان الشديد، فيما تصل نسبة البطالة في أحيائها الشعبية إلى 55 في المئة.
 
ويجمع الناشطون والمراقبون والسياسيون أنفسهم على أن هذه التحركات كانت متوقعة على وقع تفاقم الأزمة المعيشية التي وصلت إلى كل منزل في لبنان، ومع عدم إقدام الحكومة على اتخاذ أي إجراءات تضع حداً للأزمة.
 
ومنذ إقدام المصارف على فرض إجراءات على عمليات السحب مع اشتعال انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول، بدأ سعر صرف الدولار يشهد ارتفاعاً متدرجاً خلال مرحلة التعبئة العامة المفروضة لمواجهة كورونا.
 
ووصل الدولار في الأيام الماضية إلى 4200 ليرة بعدما كان لعشرات السنوات محدداً بنحو 1500 ليرة.
 
وفي هذا الإطار، يقول رئيس بلدية طرابلس رياض رياض يمق لـ"العين الإخبارية": "خروج الناس إلى الشارع أتى بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي اشتدت خلال مرحلة مواجهة كورونا، وبعد أشهر من انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول التي لم تحقق من مطالبها شيئاً".
 
ويضيف: "كما في كل المناطق اللبنانية يعاني أبناء طرابلس من الأزمة المعيشية، لكن نسبة الفقر هي الأعلى في طرابلس التي يبلغ عدد سكانها نحو 700 ألف نسمة، وتزايدت في الفترة الأخيرة في مرحلة التعبئة العامة مع توقف معظم الناس، خصوصاً الذين يعملون في مصالح خاصة".
 
ويلفت يمق إلى أن مقتل شاب من المتظاهرين أدى إلى التصعيد، أمس، في طرابلس. 
 
ومع تأييده مطالب اللبنانيين يتحدث يمق عن مندسين استغلوا غضب المنتفضين للقيام بأعمال شغب طالت بعض الممتلكات العامة وآليات الصرف في المصارف، "ونحن في نهاية الشهر حيث ينتظر الناس قبض رواتبهم من هذه الآليات".
 
من جهتها، تقول الناشطة في التحركات غنى أبوشقرا لـ"العين الإخبارية": "ما يحصل اليوم ثورة جياع في لبنان، وهي نتيجة سنوات من السياسات الخاطئة التي أوصلتنا إلى انهيار اجتماعي اقتصادي طال كل الناس والفئات".
 
وتضيف: "التزم اللبنانيون بإجراءات التعبئة العامة والحجر المنزلي خوفاً على صحتهم، لكن عندما وجدوا أنفسهم بين خيار الموت من الفقر والجوع أو الموت بفيروس كورونا فضلوا الخروج مجدداً إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم ولقمة عيشهم، خصوصاً أن معظمهم بات بلا عمل أو يقبض نصف راتب والمصارف تحتجز أموالهم".
 
من هنا ترى أبوشقرا أنه من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تصعيداً في التحركات حتى تحقيق المطالب.
 
وكانت تحركات "17 تشرين" قد انطلقت لإسقاط الحكومة وتشكيل حكومة مستقلين ومكافحة الفساد وتحقيق الإصلاح وإجراء انتخابات نيابية مبكرة.
 
وعلى الرغم من تحقيق الهدف بإسقاط حكومة سعد الحريري، عاد الفرقاء السياسيون أنفسهم وشكلوا حكومة جديدة تحت سيطرة حزب الله والتيار الوطني الحر. 
 
ويعد لبنان من أكثر الدول المديونية في العالم، بقيمة 92 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 170 في المئة من ناتجه المحلي، ووفق آخر تقديرات البنك الدولي بات أكثر من 55 في المئة من عدد سكانه تحت خط الفقر.
 
وخرجت أموال هائلة من المصارف رغم قيود مشددة على السحب بالعملة الخضراء والتحويلات.
 
وقدّر دياب، الجمعة، قيمة الودائع التي خرجت خلال الشهرين الأولين من العام الحالي بـ5,7 مليار دولار، غالبيتها إلى الخارج.
 
وتضاف إلى 2,3 مليار دولار تم تحويلها خلال آخر شهرين من عام 2019.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية