الزعيم الأسطورة حياً وميتاً
نعم أنت أسطورة الزمان وحكاية الأحلام الغائب الحاضر بيننا يطل من جديد و يكسر القاعدة في ترك الأثر وينفي عن نفسه التهم ويثبت وطنيته وانحيازه للشعب ويقنع العدو قبل الصديق والبعيد قبل القريب بصوابية مواقفه يمكن أن يحدث كل ذلك من الأحياء فقط لكن الفدائي والرمز والشهيد القائد زعيم هذه الأمه الحائرة علي عبدالله صالح أسطورة الزمان الذي غاب عنا واحتجب بفعل الموت الذي لابد منه تاركا لوعة وحنين وحسرة وفراغا في كل الاتجاهات في هذا الوطن وكان محل اتهام من البعض في الأمور الغامضة، لكنه وقبل استشهاده تحدث بما يدور في نفوس الكثير عن ماضيه وحاضره ومستقبله الذي اختتمه بكلمة الوداع واصفاً العدوان بالعدوان، ومعاتبا من أحسن إليهم وانقلبوا عليه، وتحدث بحديث القوي الأمين الشجاع الصامد المقبل غير المدبر لمصيره الذي اختاره لنفسه ووفقا لقناعاته التي دافع عنها ودفع حياته ثمناً لها.
فمن يكون مثلك بطلا مهابا شجاعا ينظر للحياة بتفاهتها وتقلباتها ويختار عزته وكرامته حتى النهاية، ويلاقي ربه في منزله وعلى تراب وطنه مودعا شعبا ووطنا عظيما.
ومصطحبا معه كل الوفاء وأرقى معاني التضحية والفداء في هذه البسيطة كلها الشهيد عارف عوض الزوكا تاركاً ثلة من الخوالف، ومخلفا في نفوسهم حسرة وندامة تلازمهم أبد الدهر، ومعلنا بأعلى صوت يملأ الدنيا فاز بها أبو عوض فاز بها بدوي من صعيد شبوة الأبية.
وتاركا التأريخ يحكم في ميزان عدله له أو عليه فلا تكن جائراً أيها التأريخ فذاك عفاش الحميري فإن أنصفته وإلا قد يطلع عليك من شرفة القبر مدافعاً عن تأريخه الذي أشك أن يتكرر بحلوه ومره بأفراحه وأتراحه، ويحضرني قول الشاعر النعمان في نشيده الوطني عندما قال:
كم شهيد من ثرى قبر يطل
ليرى ما قد سقى بالدم غرسه
ويرى جيلا رشيدا لا يضل
للفداء الضخم قد هيأ نفسه
ويرى الهامات منا كيف تعلو
بضحى اليوم الذي أطلع شمسه
فذلك حالنا وعزاؤنا بقائد واجه الموت مبتسما وتاركا تفاصيل الحكاية للأجيال متسامحا غير منتقم كان همه وطن رغم ضيق المكان وقساوة الظروف والعدوان وحتى لحظته الأخيرة وهو ينثر عبارات خاتمة الوداع لتبقى خالدا على مر العصور.
وارتباطنا بك ليس مقدساً لكن أخلاقنا وصدق نوايانا تدفعنا لنكتب ما أمكن من حروف الوفاء لعلنا ننفي عن أنفسنا مسبة العرب عندما تركناك وحيدا ومكتفا بقيود الإباء والتضحية وزدنا على ذلك نقول لك إياك إياك أن تبتل بالماء.
لثقتنا بك وبقوتك وشجاعتك وبأنك حكيم العرب وبمقدورك فعل كل شيء واتضح لنا أننا لم نكن ندرك شيئاً سوى محبتنا لك التي تخرج من حناجرنا نرددها صباح مساء بالروح بالدم نفديك يا علي وبالأخير أنت من فديت مبادئك ومحبيك بدمك وتركت فينا مسبة الدهر وعيب لا يوفيه شيء.
أيها الزعيم الراحل كانت ثقتك بحزبك وشعبك كبيرة وتبادر إلى ذهني بأنك كنت منتظرا أن يقول أنصارك:
أبا أحمد فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا
إنا نورد الرايات بيضاً ونصدرهن حمراً قد روينا
ونسيت أو تناسيت بأنك ربيتنا على مبادئ الميثاق وأدبيات المؤتمر الشعبي العام، وبأننا حزب سلمي مدني سياسي ديمقراطي يؤمن بالحوار وبالدولة ومؤسساتها المختلفة.. ليس لنا جناح عسكري ولا مليشيات أو حشد شعبي أو قبلي. كلما تعلمناه كيف نحشد لمهرجانات سلمية ودفع أعضائنا لصناديق الانتخابات، وعليها لزمنا ذلك حتى يومنا هذا منتظرين عودة الصندوق بعد إسكات البندقية وإحلال السلام العادل والشامل والمشرف.
فمن منا فهم الآخر خطأ ومن المقصر ومن مازال على العهد والوعد وأنت الزعيم والقائد التي ترعب الأعداء وتطمئن الأصدقاء وما زلت فينا، وكلما أمعن الآخرون في عدائك حيا وميتا زدنا تمسكاً بك وعلى أثرك السلمي ماضون، وما زلت تعطينا معنويات وصمود وثبات، وأنت كما قيل تحت الثرى أو في ثلاجة الموتى لم يعد يهمنا أين أنت، فإن الشاة لا يضيرها سلخها بعد ذبحها كما يقال. فالدرس انتهى وأسدل الستار والله يجمع كلمة اليمنيين لما يحبه ويرضاه وكفى.