يبدو أن الجنرال الهندي ابهيجت جوها وأعضاء البعثة الأممية يراقبون وقف إطلاق النار من جهة القوات المشتركة في الساحل الغربي فقط، فقد أصدر بيانا أظهر فيه إدانة الأمم المتحدة للإغارة الجوية على ستة مواقع في ميناء الصليف، تستخدمها الجماعة الحوثية لتجميع وتفخيخ وإطلاق الزوارق المفخخة والمسيّرة عن بعد لضرب التجارة الدولية عبر البحر الأحمر.. فعنده أن قصف التحالف العربي لتلك المواقع مسألة تعرقل عملية السلام وتهدد تنفيذ اتفاق السويد بشأن الحديدة.. أما الخروق اليومية التي تنفذها ميليشيا الجماعة داخل مدينة الحديدة، ومديريات الدريهمي وحيس والتحيتا، فلا يعتبرها الجنرال تهديدا لعملية السلام، وعائقة لتنفيذ اتفاق السويد.. ويوم أمس الأربعاء اضطرت قيادة القوات المشتركة سحب ممثليها في نقاط المراقبة الخمس، احتجاجا على قنص قانص من ميليشيا الجماعة الحوثية أحد ضباط حراس الجمهورية في لجنة الارتباط المشتركة، ولم يعلق الجنرال على الحدث الخطر بكلمتين حتى.
 
إن هناك شواهد كثيرة تظهر الجماعة الحوثية وهي في حالة عدم التزام ببنود اتفاق السويد، وليس فقط البند الخاص بمدينة ومديريات الحديدة.. فلماذا على الحكومة إلزام نفسها بالاتفاق الذي قال عنه السكرتير العام لمنظمة الأمم المتحدة قبل عدة أسابيع إنه مريض، أو في غرفة الانعاش؟ وإلى متى ستبقى القوات المشتركة في الساحل الغربي ملتزمة باتفاق يسلبها حتى حقها في الدفاع عن نفسها أمام هجومات عسكرية يومية يقوم بها طرف لا يشعر أنه ملزم بذلك الاتفاق.
 
لقد مات اتفاق السويد أو انتهت فعاليته من الناحية العملية.. قبل أسابيع تعنترت حكومة هادي، فهددت بالتخلي عن الاتفاق طالما استخدمته الجماعة الحوثية مظلة لمواصلة الحرب والاستيلاء على مدن ومديريات كانت تتبع الشرعية.. وظهر لنا أن الأمر ليس أكثر من إلقاء ماء بارد على الاتفاق لكي ينتعش ويخرج من غرفة الانعاش.. منحته الشرعية عمرا جديدا، عندما راح ممثلو حكومة هادي إلى الأردن يفاوضون ممثلي الحوثي، بشأن الأسرى.. وبدوا في البداية كأنهم بصدد فتح ثوري، لكنهم عادوا خائبي الأمل.
 
صحيح أن اتفاق السويد فرض فرضا على وفدي هادي والحوثي اللذين اقتيدا إلى استكهولم كرها في ديسمبر 2018، تحت مسمى مشاورات سبقها صوغ بنود الاتفاق من قبل طرف ثالث.. لكن لم تبق الجماعة الحوثية شيئا من ذلك المفروض فرضا إلا وانتهكته، بينما يظهر غيرها حرصا عليه.. فما هذا الإذعان يا ترى؟
 
لسنا دعاة حرب، ونرى الحل السياسي حلا مناسبا وعادلا.. ونتفهم تأكيد قادة عرب وبريطانيين وأميركيين على الحل السياسي، ونتمنى أن تؤدي ضغوطهم وبجانبها ضغط الأمم المتحدة على المتحاربين، إلى هذا الحل السياسي.
 
حسنا، فماذا عن المقدمة الأساسية لهذا الحل؟ نعني بذلك الجزء الخاص بالحديدة في اتفاق السويد.. ذلك الجزء هو جوهر الاتفاق.. ومنذ نحو عام ونيف أصبح موضوع اهتمام الأمم المتحدة والسعودية ودولة الإمارات وأميركا وكل الدول الاوروبية تقريبا، ودعمه مجلس الأمن الدولي بقرارين اثنين (القرار رقم 2453 في 21 ديسمبر 2018 والقرار رقم 2452في 16 يناير 2019).
 
وبموجب القرارين تم تعيين لجنة مراقبة دولية باسم الأمم المتحدة تتولى متابعة تنفيذ بنود الاتفاق، ومراقبة سريان وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة ومديريات المحافظة، والاشراف على إخلاء المدينة ومينائها ومينائي الصليف ورأس عيسى من القوات العسكرية.. ومع ذلك ها هو يهتك بعنف من قبل الجماعة أمام عيون مارتن وابهيجت ومجلس الأمن.. على أن المتابع يلحظ أن كل هؤلاء لا يبالون بالأنشطة العسكرية والاستخباراتية المكثفة التي تنفذها الجماعة الحوثية منذ أشهر وحتى اليوم، للتحضير لهجوم كبير وواسع النطاق في الحديدة التي كانت جوهر اتفاق ستكهولم، أو المدخل المفترض للحل السياسي.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية