في البدء أحسنت وزارة الخارجية السعودية فور الإعلان عن أول إصابة بفيروس كورونا لمواطن سعودي عائد إلى المملكة من إيران عن طريق منفذ الشقيقة البحرين، ولم يفصح عن قدومه من إيران التي تأتي ضمن قائمة الدول التي يمنع القانون السعودي السفر إليها للمواطنين السعوديين بالتحذير من السفر إليها؛ كونها تُشكّل خطراً صحياً يهدّد حياة الشخص المصاب ومن سيخالطه بعد عودته منها فضلاً عن ذلك تُذكّر الوزارة أن القانون السعودي في الأصل يمنع السفر إلى إيران.
 
لا خلاف حول أن ما أعلنته منظمة الصحة العالمية أن فيروس كورونا الجديد هو فيروس عالمي قد يصيب أي دولة، وفيما أكد مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس أن القلق الأكبر ناجم عن انتشار فيروس كورونا الجديد (كوفيد 19) محذراً من احتمال تحوله إلى وباء عالمي فتاك، وليس هناك من سبل لمكافحته سوى تعامل كل دولة واحتياطاتها المسبقة قبل إصابة أي مواطن لديها أو فيما لو وصل إليها الفيروس والعمل جاهدين وفق التعليمات والإجراءات الصحية العالمية المتبعة دولياً للحد من انتشار الفيروس، فضلاً عن تصديره إلى دول أخرى من خلال مواطنيها المسافرين إلى أي دولة موبوءة.
 
حينما أخذت الثورة الإيرانية سنة 1979 صيغة إقليمية، فالثورة الإيرانية؛ وبعد أن نجحت وأحكمت قبضتها على البلاد، لم تحصر نفسها على الحدود الإيرانية، وإنما ألحّت على مبدأ "تصدير الثورة"، وفي مقدمة الدستور الإيراني نقرأ: "ومع الالتفات لمحتوى الثورة الإسلامية في إيران، التي كانت حركةً تستهدف النصر لجميع المستضعفين على المستكبرين، فإن الدستور يعد الظروف لاستمرارية هذه الثورة داخل البلاد وخارجها". أخذت لغة التصدير هذه تجوب المنطقة، وحاولت أن تصدر هذه الثورة إلى الخليج والمملكة تحديداً ولكن لم تستطع إيران أن تخترق الحصون السعودية الوطنية؛ لأن الممانعة الاجتماعية كانت ولا تزال قوية، غير أن الشيء الوحيد الذي نجحت فيه، أن جنّدت بعض الذين ارتهنوا لها سياسياً، معطيةً إياهم أوامر عسكرية ومحرضةً لهم.
 
حاولت إيران أن تستغل الأرض السعودية لتصدير الثورة بكل حمولتها العسكرية والفكرية، ولكنها لم تستطع، والتجارب التي خاضتها الاستخبارات الإيرانية في الثمانينات أخفقت وبادت وفشلت، حيث كانت تستغل المواسم المقدسة لتأجيج الطائفية وزرع التعصب والاصطفاف. وحين كشف الأمن السعودي سنة 1986 خلال التفتيش الجمركي وجود أكثر من خمسين كيلو غراماً من مادة C4 عالية التفجير في حقائبهم كانت إيران تريد من خلال أدواتها العبث! وحول هذه الحادثة: "اتهم السيد أحمد الخميني في لقاء من صحيفة الزمان العراقية نشر بتاريخ 30-9-2003 جهاز الاستخبارات الإيراني بأنه المسؤول عن تهريب المتفجرات لمكة المكرمة". (انظر كتاب: الشيعة السعوديون-إبراهيم الهطلاني ص222). من هذه الحادثة ومثيلاتها يظهر معنى تصدير الثورة الإيراني، إنه ليس تصديراً دينياً، وإنما الترويج لأيديولوجيا سياسية غلّفت ببعض المفاهيم الدينية التي ربما توهم بعض المتحمسين لكنها لا يمكن أن تجتث ولاء العقلاء الذين يعلمون أنهم من أعمدة الوطن ومن أساساتها الاجتماعية والثقافية والأدبية.
 
وبحسب إعلان وزارة الخارجية السعودية أن جميع المصابين بفيروس كورونا من مواطني الخليج العربي كانوا مسافرين إلى إيران وقادمين منها وفي ظل تفشي الفيروس داخل إيران وآلية تعاطيها مع ذلك يجعل علامات الاستفهام والتساؤل الأكبر هل إيران وبعدما فشلت مراراً في تصدير ثورتها الخمينية لم يكن بيد حيلتها البائسة الأخيرة سوى تصدير ثورتها الكورونية؟!
 
 
 
* نقلا عن موقع صحيفة "الرياض"

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية