قبل يومين من الانتخابات البرلمانية في إيران، الجمعة، بدأ الحديث الرسمي في البلاد بشكل مقتضب عن "بعض" الإصابات بفيروس كورونا في مدينة قم، جنوب طهران، الأمر الذي اعتبره مراقبون إخفاءً للحقيقة لغاية سياسية، خاصة مع ارتفاع الكبير في الإصابات بعد انتهاء يوم الانتخابات.
 
ويبدو أن الغاية السياسية من وراء التكتم على انتشار الفيروس أدت إلى تفشيه على نطاق أوسع، في أحدث أخطاء النظام الإيراني.
 
وبينما اتهم النظام الإيراني على لسان مرشده، علي خامنئي، من وصفهم بـ"أعداء إيران" بالمبالغة في أخبار تفشي فيروس كورونا في البلاد، قال مواطنون ومعارضون إن السلطات أخفت حقيقة ما يجري حتى انتهاء الاقتراع لأهداف سياسية.
 
لكن الفرق بين التصريحين أن الأول جاء بعد إتمام الانتخابات، فيما جاء حديث الفريق الثاني قبيل الانتخابات، مما يثير كثيرا من تساؤلات.
 
وبعد انتهاء التصويت، الجمعة، أخذت أرقام الجرحى والوفيات في التصاعد بإيران بشكل كبير للغاية وفي مناطق عدة بالبلاد منها العاصمة طهران، فيما يقول مراقبون أن الأرقام الحقيقية أكبر بكثير.
 
وبحسب أرقام رسمية إيرانية أعلنت الأحد، فقد ارتفع إلى 8 عدد الوفيات من جراء فيروس كورونا، فيما وصل عدد الإصابات إلى 43، وفق "رويترز".
 
وإيران باتت اليوم الدولة التي سُجل فيها أكبر عدد وفيات جراء الوباء بعد الصين.
 
وتنبع أهمية الانتخابات البرلمانية في إيران لكونها تعتبر اختبارا يعكس شعبية النظام الحاكم بعد الاحتجاجات الشعبية العارمة التي شهدتها إيران في نوفمبر الماضي، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية والفساد، فضلا عن السياسة الخارجية المزعزعة للاستقرار.
 
وكان واضحا أن حكام طهران يريدون نسبة عالية من المشاركة لتعزيز شرعيتهم التي تراجعت كثيرا.
 
وقال مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية، حسن راضي، إنه "من المؤكد أن النظام الإيراني حاول إخفاء خبر تفشي كورونا بين العشرات أو المئات من الإيرانيين، حتى لا يصيب الشارع بهلع".
 
وأضاف راضي في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية" أن النظام الإيراني أراد من إخفاء تفشي كورونا عدم إضافة أزمة جديدة إلى الأزمات الكبيرة التي يواجهها، وخاصة في الانتخابات البرلمانية التي تعالت أصوات كثيرة داعية إلى مقاطعتها.
 
ورأى أن الأمر أدى إلى نتائج سلبية، إذ ساهم الغموض الحكومي في انتشار الفيروس بين الإيرانيين الذين لم يأخذوا احتياطاتهم بسبب عدم تلقيهم تحذيرا واضحا.
 
وقال راضي إن أزمة كورونا أصبحت كبيرة جدا في إيران، فالدول المجاورة أغلقت حدودها خشية انتقال المرض إليها، خاصة مع عدم الوثوق في إجراءات الحكومة الإيرانية.
 
"أعداء إيران وكورونا"
 
والربط بين الانتخابات الإيرانية وفيروس كورونا لم يأت بالصدفة، فقد قال المرشد الإيراني، علي خامنئي، إن "أعداء إيران" سعوا لإثناء الناس عن التصويت في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الجمعة بالمبالغة في خطر فيروس كورونا الجديد.
 
وأضاف "الدعاية السلبية عن الفيروس بدأت قبل شهرين وزادت بدرجة كبيرة قبل الانتخابات"، مما يوحي أن السلطات كانت تتخوف من تأثير الأنباء بشأن كورونا على سير الانتخابات.
 
ولم تتجاوز نسبة التصويت 42 في المئة وفق بيان وزير الداخلية، رحمان فضلي، الأحد، وهذه أدنى نسبة مشاركة انتخابية في إيران منذ الثورة عام 1979.
 
وتقول النتائج الأولية للانتخابات إن المرشحين المرتبطين بالحرس الثوري يتجهون للفوز بأغلبية برلمانية.
 
ويشير إحصاء غير رسمي أجرته "رويترز" إلى أن غلاة المحافظين فازوا بنحو 178 مقعدا في البرلمان الذي يضم 290 مقعدا في حين حصل المستقلون على 43 مقعدا وحصد المعتدلون 17 مقعدا.
 
وكانت نسبة التصويت 62 بالمئة في الانتخابات البرلمانية عام 2016 بينما بلغت 66 بالمئة في انتخابات 2012.
 
عرض حياة الإيرانيين للخطر
 
واعتبر راضي أن النظام الإيراني غامر بحياة الناس في سبيل مصالحه السياسية.
 
ويشير المحلل السياسي إلى أن حضور أعداد من الإيرانيين في أماكن بعينها واختلاطهم ربما ساهم في انتشار الفيروس، خاصة مع عدم إطلاق تحذيرات صحية. 
 
وقال إن الحديث يدور عن آلاف الإصابات ووفيات أكثر من المعلن، وسط دعوات لفرض قيود على مدينتي قم وطهران لمنع تفشي الفيروس القاتل، لكن النظام ينفي هذه الأخبار.
 
ولفت إلى أن الأزمة أظهرت عدم وجود خطط لمواجهة هذا الفيروس الوبائي، وتقاعس النظام عن توفير الأدوات اللازمة من الوقاية.
 
المصدر: سكاي نيوز

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية