مرتزقة تركيا في ليبيا.. كيف صنع أردوغان "أشباحا" لا ثمن لها؟
فيما لا تزال عملية تسجيل أسماء الراغبين من مسلحي سوريا الذهاب إلى العاصمة الليبية طرابلس للعمل كمرتزقة في حرب لا علاقة لهم بها ، فإنهم على موعد من رحلة ستحولهم إلى "أشباح" أمام مصير مجهول، مقابل مبالغ مادية، لا تكفي لضمان أمنهم أو حقوقهم في ساحات القتال.
وأرسلت تركيا أكثر من 2500 من المقاتلين المرتزقة إلى ليبيا، بهدف التدخل في الشأن الداخلي، لتستمر بخرق اتفاق حظر إرسال الأسلحة إلى هناك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
ووفقا لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فأن "المرتزق" هو أي شخص يجند خصيصا، محليا أو في الخارج، للقتال في نزاع مسلح.
والمرتزق أيضا هو أي شخص يكون دافعه الأساسي للاشتراك في الأعمال العدائية هو الرغبة في تحقيق مغنم شخصي، ويُبذل له فعلا من قبل طرف في النزاع أو باسم هذا الطرف وعد بمكافأة مادية تزيد كثيرا على ما يوعد به المقاتلون ذوو الرتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يدفع لهم.
ولا يكون المرتزق من رعايا طرف في النزاع ولا من المقيمين في اقليم خاضع لسيطرة طرف في النزاع، وليس من أفراد القوات المسلحة لطرف في النزاع، ولم توفده دولة ليست طرفا في النزاع في مهمة رسمية بصفته من أفراد قواتها المسلحة.
لماذا يقاتل المرتزق؟
ويقول أستاذ القانون الدولي، أيمن سلامة إن " المرتزقة جاهزون للعمل لحساب من يدفع أكثر، بعض النظر عن القضية، ويعتبرون بحق عناصر عدم استقرار، وبالمجمل لا يهمهم مستقبل البلد الذي يستأجرهم، فطالما استمرت الحرب، استمرت رواتبهم".
وفي حديث أحد المقاتلين المهجرين إلى إدلب والراغبين بالتوجه إلى ليبيا، لنشطاء المرصد السوري قال: "أريد الذهاب إلى ليبيا طمعا بالمغريات التي تقدمها تركيا، فليس لدي ما أخسره وأنا أعيش في خيمة وراتبي 300 ليرة تركية، لا يكفيني ثمن طعام لذلك الخروج إلى ليبيا وتفاضي 2000 دولار أميركي على الأقل أفضل من القتال شرق الفرات".
ويشير المرصد السوري إلى أن معظم الذين تطوعوا أو يرغبون في التطوع هم بالغالب "من المهجرين من وسط سوريا وريف دمشق إلى عفرين وإدلب، بالإضافة لأشخاص من الريف الحلبي، فالواقع المعيشي وترديه هو العامل الرئيسي لقبول هؤلاء بالذهاب إلى ليبيا في ظل المغريات التركية وخاصة المادية".
حياة رخيصة
وبينما يقبض المرتزقة في ليبيا، أموالا تصل إلى ألفي دولار شهريا، بحسب مصادر متعددة، ففي الواقع لا يمكن أن تعد هذه الأموال مقابلا متناسبا مع الخطر ومصير ما بعد الوقوع في الأسر، أو معاملة الجثمان في حالة القتل.
ففي عام 1968، أقرت منظمة الأمم المتحدة ومنظمة الوحدة الأفريقية اتفاقات دولية ضد المرتزقة، جاعلة استخدامهم قابلا للعقاب كفعل جنائي.
ووفقا لسلامة، جردت المادة السابعة والعشرون من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1947، المرتزقة، من حق المطالبة بوضع العسكري، أو بوضع أسير الحرب، تاركة إياهم عرضة للمحاكمة كجناة في الدولة المتضررة، لتجعلهم "أشباحا" في ساحات الحرب التي لا ينتمون لها.
وبينما تحظر المادة 19 من اتفاقية جنيف الثالثة لمعاملة أسرى الحرب، على أطراف النزاع تصوير أسرى الحرب و توجيه الإهانة أو العنف أو المعاملة اللاإنسانية تجاههم، فإن هذه الاتفاقية المهمة وكافة قواعد القانون الدولي الإنساني لا تنطبق على المرتزقة، بحسب سلامة.
لماذا يتم اللجوء للمرتزقة؟
يتيح استخدام المرتزقة لصناع السياسات بشن الحرب خارج أنظار العامة. ونادراً ما تجذب أنباء قتلهم عناوين الصحف كما يفعل الجنود النظاميين.
كما أن المرتزقة يفتقدون للوازع الأخلاقي كونهم يقاتلون في حرب هم ليسوا طرفا فيها، وبالتالي يرتكبون جرائم وأفعال لا تستطيع الجيوش النظامية ارتكابها كونها مقيدة نظريا بالاتفاقيات الدولية.
ومع ذلك، فإن الحالة التركية مختلفة، لأن الرأي العام العالمي أصبح شاهدا على عمليات نقل المسلحين، بينما أقرت أنقرة أنها تستعين بمقاتلين من سوريا في ليبيا.
وبحسب سلامة فإن ذلك يضع على تركية مسؤولية قانونية، حتى أن موافقة الرئيس التركي على بيان اجتماع برلين حول ليبيا الذي حظر التدخل الخارجي في ليبيا بأي وسيلة، جعله مسؤول بشكل مباشر عن عواقب إرسال مرتزقة.
حرب الأشباح
ويعد الرئيس الزائيري السابق مابوتو سيسي سيكو، أحد أبرز الزعماء الذين استأجروا المرتزقة لوقف الثورات الشعبية ضده، وأيضا صرب البوسنة الذين استأجروا المرتزقة من القناصة الرومان والجنوب أفريقيين، ليقتلوا المدنيين البوسنيين أثناء حصار ساراييفو في تسعينات القرن الماضي، بحسب سلامة.
وبالرغم من توصل الأطراف الدولية التي شاركت في مؤتمر برلين بشأن ليبيا، من بينهم تركيا، إلى اتفاق على احترام حظر إرسال الأسلحة إلى هناك وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ليخرق التزاماته الدولية، بإرساله المزيد من المرتزقة إلى الأراضي الليبية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبعد أقل من 48 ساعة على مؤتمر برلين، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن تركيا تواصل إرسال مرتزقة إلى ليبيا، ليصل عدد من وصلوا إلى طرابلس حتى الآن إلى نحو 2600.
ومع تدفق المرتزقة "الأشباح" إلى ليبيا، ترتفع نسبة القتلى منهم، في صفوف الفصائل المسلحة الموالية لتركيا في معارك طرابلس، التي لا تعني لهم شيئا على الصعيد الشخصي.