تقترب الحرب والمعاناة التي يعاني منها الشعب اليمني من عامها الخامس دون ان تكون هناك بادرة أمل لتنفيذ مليشيا الحوثي التزاماتها ، وصارت الحرب ومعاناة اليمنيين مجرد مسرحية خطابية تتكرر كل عام في إحاطة لمجلس الامن من قبل مبعوثها مارتن جريفيث يتم فيها عرض أرقام مخيفة عن المعاناة والفقر والجوع والذي وصفته تقارير الأمم المتحدة بأكبر جريمة ومجاعة يعاني منها الشعب اليمني ، مع استمرار الحرب والمعاناة لتكون حربا مفتوحة .
 
إشكالية اتفاق الحديدة وخطة عملية “إعادة الانتشار”
 
 اجتمعت الشرعية اليمنية والانقلابيين الحوثيين برعاية الأمم المتحدة في الفترة  ما بين 6 - 13 ديسمبر 2018م في مملكة السويد ، ليخرجوا باتفاق الحديدة وإعادة انتشار القوات ، ونص الاتفاق على : 
 
   1. اتفاق حول مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى .
 
   2. آلية تنفيذية حول تفعيل اتفاقية تبادل الأسرى .
 
   3. إعلان تفاهمات حول تعز .
 
 كما تعهدت الأطراف على :
 
  - تنفيذ أحكام هذا الاتفاق تنفيذاً كاملاً والعمل على إزالة أية عوائق تحول دون تنفيذه.
 
  - الالتزام بالامتناع عن أي فعل أو تصعيد أو اتخاذ أيّة قرارات من شأنها أن تقوّض فرص التطبيق الكامل لهذا الاتفاق .
 
  - الالتزام بمواصلة المشاورات دون قيد أو شرط في غضون شهر يناير 2019 في مكان يتفق عليه لاحقاً.
 
الاتفاق شكلي ويكرس الاعتراف بالحوثي لتقسيم اليمن برعاية بريطانية 
 
 فشل اتفاق الحديدة وظل يراوح على نفسه ، ولم يحقق أي إنجاز على الأرض منذ إعلان الحوثيين سحب ميليشياتهم الصوري من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ، في ظلّ شكوك عن التقدّم الذي يمكن لهذه الخطوة الشكلية أن تحدثه في إطلاق مسار السلام المنشود باليمن ، وفي تحسين الأوضاع السيئة لسكان مدينة الحديدة خاصة واليمن بشكل عام .
 
رفضت الحكومة اليمنية والقوات المشتركة الخطوة الحوثية، باعتبارها تحايلا على اتفاقات السويد و“مسرحية” سبق للحوثيين أن لجأوا إليها ، حيث سلم الحوثيون المواقع لمليشيات تابعة لهم ألبسوها لباس البحرية اليمنية ، وأكد محافظ الحديدة الحسن طاهر : إن موافقة كبير المراقبين الدوليين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد على خطوة الانسحاب الأحادي التي نفذها الحوثيون، بأنها محاولة لتأكيد مزاعم نجاح اتفاق ستوكهولم .
 
 وفي السياق ذاته أجمعت أوساط سياسية ودبلوماسية مراقبة على اقتراب انهيار اتفاقات السويد وخصوصا الجزء المتعلق بمدينة الحديدة وموانئها ، بالرغم من المساعي الدبلوماسية البريطانية التي تحاول تثبيت الهدنة الهشة التي لم تتوقف الميليشيات الحوثية عن اختراقها منذ دخولها حيز التنفيذ في 18 ديسمبر في العام الماضي .  فقد صعد الحوثيون من خطابهم الإعلامي تجاه كبير المراقبين الدوليين في الحديدة الجنرال باتريك كاميرت ، بالتزامن مع تصعيد عسكري جديد تمثل في استهداف الوفد الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار من خلال طائرة مفخخة من دون طيار تم إسقاطها من قبل التحالف العربي والمقاومة المشتركة، كما أعلنت الحكومة اليمنية مقتل رئيس الاستخبارات والاستطلاع في الجيش اليمني اللواء محمد صالح طماح متأثرا بالجروح البليغة التي أصيب بها في الهجوم الحوثي بطائرة مسيرة على منصة العرض العسكري في قاعدة العند العسكرية .
 
وبسياق مشابه اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بعدم الجدية في الانسحاب من الحديدة وموانئها، وسعيهم لتغيير خارطة القوة في الحديدة من خلال هجمات مستمرة على مواقع المقاومة المشتركة ، مستفيدين من تحييد سلاح الجو التابع للتحالف العربي بسبب الهدنة . وأشار المراقبون إلى أن الميليشيا الحوثية تخوض حربا شاملة ، على مسارين في الحديدة،  الأول يستهدف القوات المشتركة، والثاني يستهدف المدنيين، ويضع المزيد من الكمائن في طريق إفشال اتفاق ستوكهولم  .
 

وفي هذ ا الاتجاه يشير المراقبون إلى أن فرص نجاح اتفاق ستوكهولم تتضاءل مع تجدد الاشتباكات في محيط مدينة الحديدة وبشكل متصاعد ، في الوقت الذي أعلن عن رصد آلاف الخروقات ارتكبتها الميليشيات الحوثية منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
 

ويعتقد المراقبون بأن اتفاق السويد تكمن في كونه بني على أساس هش وغير واضح في ما يتعلق بالآلية، الأمر الذي دفع الأطراف الموقعة عليه إلى أن تطالب بتفسيره ، مضيفا أن تفسير الشرعية للاتفاق كان قاصرا ولا يخدم أهدافها في استعادة المحافظة والموانئ ، حيث لم تأخذ في الحسبان التغيرات العميقة التي حدثت في قيادة المحافظة وأجهزتها الأمنية منذ الانقلاب وحتى اليوم ، وهذا ما كان يدركه الحوثيون وعملوا باتجاهه . إضافة الى موقف المجتمع الدولي الذي بدا مساندا للمشروع الحوثي من خلال الضغط على التحالف وقوات المقاومة الوطنية وألوية العمالقة والمقاومة التهامية لوقف التقدم وحسم المعركة في الحديدة، بالتوازي مع ممارسة أساليب الاسترضاء حينا والتغاضي حينا آخر على تجاوزات الميليشيات الحوثية بالقرارات الدولية والاتفاقات الموقعة من قبل الجماعة ذاتها.
 
المأخذ والملاحظات على اتفاق الحديدة لإعادة الانتشار وإحلال السلام :
 
1- على الرغم من اتفاق السويد جاء تحت غطاء إنهاء معاناة  المواطنين وفتح الموانئ لإيصال الدواء والغداء والاحتياجات الإنسانية ، فان الواقع الإنساني بالحديدة والمحافظات الأخرى ازداد سوءا وتدهورا نتيجة عدم تطبيق القرار ، والالتزام به من قبل الحوثيين .
 
2- عمل مبعوث الأمم المتحدة مارتن جريفت على تسجيل انجاز سريع  يضاف له في المفاوضات وعملية السلام ، فجاء اتفاق السويد غامضا وضعيفا وغير قابل للحياة ، ما تسبب باستقالة رئيس بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الاتفاق .
 
3-  الاتفاق لم يحدد المهام وإعادة الانتشار في وقت محدد ويفرض آلية واضحة وصارمة لمحاسبة المخالفين .
 
4-  نص الاتفاق أيضا على آلية تنفيذية حول تفعيل اتفاقية تبادل الأسرى ، ولكن الواقع تم فيه تبادل أكثر من (600) أسيراً بين الحوثيين وأطراف من القاعدة وداعش عبر وساطات وتفاهمات محلية ومشبوهة دون مراقبة او إشراف من الأمم المتحدة ، بل تم إطلاق مجرمين بأحكام من المحاكم اليمنية في مخالفة للقوانين والأعراف الدولية بإطلاق سجناء في قضية اغتيال الزعيم على عبدالله  صالح في مسجد لرئاسة بصفقة مشبوهة بين حزب الإصلاح والحوثيين . 
 
5-  كما ذكر الاتفاق إقرار تفاهمات حول محافظة تعز ، وهي ايضا تم تجاهلها ونسيانها .
 
6-  دعا الاتفاق للالتزام بالامتناع عن أي فعل أو تصعيد أو اتخاذ أيّة قرارات من شأنها أن تقوّض فرص التطبيق الكامل لهذا الاتفاق ، بينما اكتفى المبعوث الدولي بتصريحات القلق وضبط النفس ، وغيرها من المصطلحات الفضفاضة .
 
7- فشلت الشرعية في فرض اتفاق واضح وقوي يؤسس لإعادة انتشار صحيحة وفعالة ويؤسس لعملية سلام حقيقية ، لكن الواقع بان هناك أطرافا خفية داخل الشرعية تعمل على إيقاف جبهة الحديدة وعرقلة مسار العملية العسكرية .
 
8-  أثار الموقف البريطاني الشكوك ، نتيجة تتبنى بريطانيا مشروعا جديدا في مجلس الأمن الدولي يوسع من نطاق صلاحيات الفريق الأممي الذي يشرف عليه مواطنها مارتن غريفيث، وهو الأمر الذي يخشى سياسيون يمنيون من أنه سيوسع دائرة النفوذ الغربي في اليمن وسيتسبب في تعقيد المشهد اليمني وتكريس حالة اللا سلم واللا حرب التي تعززها القرارات الدولية .
 
9- تعمل المليشيات الحوثية على فرض الأمر الواقع بالحديدة مع إبقاء مليشياتها المسيطرة على المحافظات الشمالية وتكريس تقسيم اليمن ، حيث وضعت العديد من الاشتراطات الجديدة لموافقتها على تنفيذ اتفاقات السويد وتحديدا الشقّ المتعلق بالانسحاب من الحديدة وموانئها، ومن بين تلك الشروط التوصل إلى تسوية شاملة تقوم على فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الدولية وتوقّف العمليات الجوية للتحالف العربي ، ما يعني سقوط اتفاق السويد .
 
10- فشل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث خلال زيارته المفاجئة لصنعاء في إقناع الحوثيين بتقديم تنازلات في ملف الحديدة ، بما في ذلك فتح ممر آمن لوصول المساعدات الإنسانية، عبر الكيلو 16 ومطاحن البحر الأحمر ، التي تعرضت لهجوم حوثي جديد بقذائف الهاون بعد مغادرة غريفيث، ما يهدد بإتلاف كميات كبيرة من القمح التابع لبرنامج الأغذية العالمي .
 
11- اعتبر مراقبون سياسيون أن التدخل المتصاعد والمباشر من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش خلال الآونة الأخيرة في تفاصيل الملف اليمني يكشف عن صعوبات

 

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية