بعد الفوز المدوي لمرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو، في انتخابات الإعادة لرئاسة بلدية إسطنبول، بات الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه أمام مفترق طرق بعد "رسالة قاسية" وجهها الناخب التركي للجميع.

 

ويرى مراقبون أن انتخابات إسطنبول لم تكن مجرد انتخابات بلدية بل أيضا كانت امتحانا لشعبية أردوغان وحزبه في وقت تواجه فيه تركيا صعوبات اقتصادية كبيرة، في حين لم يتردد أردوغان نفسه بالقول: "من يفز في إسطنبول يفز بتركيا".

 

وأظهرت نتائج انتخابات الأحد، فوزا كبيرا لإمام أوغلو (49 عاما) الذي بات بالنسبة لمراقبين النجم الصاعد على المسرح السياسي التركي، والقادر على منافسة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2023.

 

وجاءت النتائج الأولية التي نشرتها وكالة الأناضول الرسمية للأنباء بحصول مرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو، على نسبة 53.69 بالمئة من الأصوات مقابل 45.4 بالمئة لبن علي يلدريم، بعد فرز أكثر من 95 بالمئة من الأصوات.

 

ومع فوز إمام أوغلو برئاسة بلدية العاصمة الاقتصادية لتركيا، التي يعيش فيها حوالى 16 مليون نسمة، يفرض مرشح المعارضة نفسه بالفعل على الساحة السياسية، في وقت يعاني الاقتصاد التركي من ارتفاع معدل التضخم بنسبة تصل إلى 21 بالمئة، من جراء سياسات أردوغان.

 

كما أظهرت بيانات من معهد الإحصاء التركي تراجع مؤشر الثقة الاقتصادية إلى 77.5 نقطة في مايو، لينزل 8.5 بالمئة عن مستوى الشهر السابق، مسجلا أدنى قراءة له منذ أكتوبر 2018.

 

في حين تراجعت الليرة التركية ما يزيد عن 10 بالمئة مقابل الدولار منذ بداية العام الجاري، بعد أن هبطت قرابة 30 بالمئة في 2018.

 

فالحكومة التركية كانت تتمسك بأمل الفوز بإسطنبول، لأن المدينة تمنح رئيس بلديتها موارد ضخمة كانت تمثل طوق النجاة من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بشعبية أردوغان وحزبه.

 

رسالة سكان إسطنبول

من جانب آخر، استفاد مرشح أردوغان من تغطية إعلامية ضخمة من وسائل إعلام بات القسم الأكبر منها يخضع لنفوذ الرئيس التركي، أما إمام أوغلو بالمقابل راهن على وسائل التواصل الاجتماعي للتخاطب مع سكان إسطنبول ونجح في ذلك.

 

وإثر ذلك، أعرب رئيس حزب السعادة التركي، تمل قره ملا أوغلو، في تعليقه على نتيجة انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، عن احترامه لقرار الشعب، بحسب مانقلت الأناضول، وجاء ذلك في تغريدة نشرها على حسابه في "تويتر" قائلا: "لقد تجلت إرادة الشعب، وما علينا إلا احترام هذا القرار".

 

لذا تأتي رسالة سكان إسطنبول إلى أردوغان بمثابة ردا عمليا على قوله: "من يفوز بإسطنبول، يفوز بتركيا"، لتسجل الهزيمة الثانية بعد ما جرى في الانتخابات الأولى.

 

فخسارة إسطنبول تعد صفعة قوية لحزب أردوغان، كون المدينة "هي الوقود الاقتصادي المشغّل لماكينة حزب العدالة والتنمية"، والمحطة السياسية الأهم قبل انتخابات الرئاسة في 2023.

 

الحريات في عهد أردوغان

ولا يخفى على كثيرين أن الحريات في عهد أردوغان هي أحد أهم الأسباب التي دفعت سكان إسطنبول لترجيح كفة مرشح المعارضة.

 

فمنذ محاولة الانقلاب الفاشلة قبل أكثر من عامين، ووفقا لأرقام رسمية، حققت تركيا مع أكثر من 600 ألف شخص بتهم الإرهاب والانتماء إلى جماعة فتح الله غولن، الذي يتهمه أردوغان بتدبير المحاولة، واعتقلت منهم عشرات الآلاف.

 

فالانتهاكات ضد الحريات في البلاد لم تتوقف عند الصحفيين والكتاب، بل طالت كل من رفع راية معارضة أو وجه انتقادا للرئيس رجب طيب أردوغان وسياساته.

 

وتضع منظمة "مراسلون بلا حدود" تركيا، في المرتبة المئة والسابعة والخمسين ضمن الحريات الصحفية، بعد حملة الاعتقالات الواسعة في صفوف الصحفيين على مدار السنوات الثلاثة الماضية.

 

وإضافة إلى ذلك، تم رصد عشرات الوفيات داخل السجون التركية منذ يوليو 2016، حسب تقرير مراقبين مدنيين، بسبب تعرضهم لسوء المعاملة والتعذيب، وفي معظم المرات أعلنت السلطات أن الوفاة نتيجة الانتحار دون تحقيقات شفافة.

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية