تحولاتٌ جوهرية في مشهد الواقع اليمني تبدد حلم مليشيات الحوثي الإرهابية لصالح مشروع الجمهورية. فصنعاء التي كانت طوال عقودٍ من الزمن موئلاً لكل اليمنيين من شتى بقاع البلد، أضحت اليوم مدينة ينام على بساطها كهنوت الإمامة الجديد ويغادرها اليمنيون قاصدين الأماكن المطهرة من المليشيا الكهنوتية، حيثُ لا طائل من العيش في مدن محكومة بقبضة أحفاد الإمامة المحولين لها إلى ما يشبه السجون الكبيرة لتقويض حياة اليمنيين وكبت أنفاسهم، واستلاب حقوقهم في حفلة طويلة الأمد خصصت للنهب، ودعا اليها زعيم المليشيا الإرهابي عبد الملك الحوثي أنصاره.

 

مؤخراً وليس آخراً، سلك عدد من ممثلي الشعب (البرلمانيون) طريق الجمهورية، وتركوا صنعاء مثل آلاف من لاذوا الى حما الدولة تاركين خلفهم مدينة ضاعت ممزقة بين أنياب الحوثيين تنتظر فيالق الجمهورين لاستعادتها إلى موقعها الأصيل في خارطة الجمهورية، ونفض غبار الإمامة عنها.

 

في الأمس القريب، وصل عدد من أعضاء البرلمان اليمني إلى محافظة شبوة، كان على رأسهم رئيس مجلس النواب للشؤون البرلمانية والعلاقات الخارجية، رئيس المؤتمر الشعبي العام بمحافظة شبوة ناصر محمد باجيل. وأفادت مصادر مطلعة أن الخمسة البرلمانيين الذين وصلوا شبوة تزامن وصولهم مع وصول ذات العدد من زملائهم إلى مدينة عدن عبر طرق فرعية.

 

واعتمد الانقلابيون الحوثيون على مجلس النواب في صنعاء لتمرير مشاريعهم وقوانينهم الخاصة، وهي واحدةٌ من الوسائل التي تتخذها مليشيات الانقلاب لتشريع قوانينها الخاصة، والتي كان آخرها فرض المليشيات قانون (الخُمس) لتشريعه عبر مجلس النواب، الأمر الذي واجه رفضاً واسعاً في الوسط البرلماني باعتباره تشريعا أحادي الجانب تحاول المليشيات تمريره ولا علاقة له بالشعب.

 

خروج ممثلي الشعب من صنعاء في طريق تحفها المخاطر ووصولهم الى مناطق محررة، سحب البساط من تحت أقدام المليشيات، الأمر الذي يتلف ورقة إضافية من الأوراق التي راهنت عليها المليشيات طوال فترة انقلابها على الدولة، بل الورقة الأهم التي دأبت المليشيات على اعتبارها صكاً شرعياً يتيح لها ابتزاز اليمنيين والتوغل في جسد الدولة، غير أنها لم تجنح لهزيمتها هذه دون اتخاذ خطوات يائسة.

 

مصادر موثوقة في صنعاء أكدت أمس لـمحرر "وكالة 2 ديسمبر" أن مليشيات الحوثي الإرهابية "شددت من إجراءاتها الأمنية بمحيط منازل قيادات المؤتمر الشعبي العام وأعضاء في البرلمان". مُضيفةً أن مليشيات الإرهاب "عزلت المشرف الأمني لها بمحيط صنعاء المدعو "أبو آلاء" وسط اتهامات بالخيانة عقب مغادرة البرلمانيين".

 

إعلان وصول البرلمانيين الى مناطق آمنة، سبقته تصريحات نشرها البرلماني أحمد سيف حاشد على مدونته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أكد خلالها وصول 5 برلمانيين إلى عدن. وعن دوافع خروج هؤلاء من صنعاء أشارت مصادر برلمانية إلى أن ذلك نتج عن إذلال المليشيات لأعضاء البرلمان. يضيف حاشد "صنعاء لم تصرف لهم رواتب ولن يأتي العيد إلا والمجلس كله في القاهرة".

 

وبحسرةٍ عن واقع حال المدينة، يقول البرلماني حاشد "صنعاء تفقد تماماً شرعية المناورة التي كانت تتكئ عليها أو تدعيها وهي شرعية مجلس النواب" في إشارة ضمنية إلى المليشيات الحوثية التي تتسلط بالمدينة وسكانها. مؤكداً أن "بعض النواب باعوا منازلهم في صنعاء بثمن بخس".

 

خسارة المليشيات الحوثية في اليمن لورقة مهمة كهذه ستثير من حفيظتهم أكثر، ولا يستبعد أن تتخذ المليشيات خطوات تصعيدية ضد من تبقى من البرلمانيين في صنعاء، ولا يستبعد أيضاً أن تذهب لخيارات أبعد لحفظ ماء وجهها. إلا أن الخسائر على هذا الصعيد أو الصُعد الأخرى وعلى رأسها الصعيد العسكري ما تزال قائمة ومتواصلة على مختلف المحاور العسكرية في البلاد.

أخبار من القسم

تطورات الساعة

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية