إيران والحرب على الممرات البحرية
تصريحات جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي عن تورط إيران في تفجير 4 ناقلات بحرية قبالة موانئ دولة الإمارات وأحباط محاولة اخرى على ميناء ينبع الذي يقع على السواحل الغربية للمملكة يعطى مؤشرا خطيرا على وقوع اهم ممرات الطاقة العالمية تحت مرمى القرصنة البحرية الإيرانية.
ومن السذاجة الاعتقاد بأن إيران سوف تكتفى بتلك الهجمات بل تعتبر تلك الهجمات ما هي الا اعلان بداية حرب يستخدم فيه القرصنة البحرية اسلوبا للتأثير على الاقتصاد العالمي لتخفيف الضغوط على ما يعانيه الاقتصاد الايراني من عقوبات دولية خانقة.
تمر 40% من امدادات الطاقة العالمية عبر مضيقي هرمز في الخليج العربي وباب المندب في البحر الاحمر مما يجعل مسؤولية حماية تلك الممرات لا تقع على عاتق دول المنطقة فحسب بل يتحملها العالم اجمع، فمضيق هرمز الذي يصل ادنى عرض له 39 كم وعمقه لايتجاوز 80 مترا يمثل الحفاظ عليه آمنا تنساب عبره الملاحة دون عوائق اهمية قصوى ليس لاقتصاديات دول المنطقة فحسب بل للعالم اجمع وبالتالي لن يترك الامر مُشرّعا لايران تلعب فيه كما تشاء.
فاغلاق مضيق هرمز يعني حرمان اكثر من 23 دولة اوروبية واسيوية من النفط وبالتالي استعداء هذه الدول اضافة الى دول المنطقة بل والعالم اجمع. إن إغلاق مضيق هرمز يعني أزمة دولية واسعة النطاق حتى الدول التي لاتستورد من نفط الخليج ستتأثر بفعل اضطراب اسعار البترول مما يؤثر على الاقتصاد العالمي ككل.
إن لم يتخذ العالم موقف حازم من ملالي طهران، فهجماتهم سوف تستمر وتتطور وقد تؤدي في حالة عدم اتخاذ الخطوات السريعه لمواجهتها ازمة طاقة عالمية ولنا عبرة فيما استخدمته ايران ابان حربها مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي وتهديدها للملاحة البحرية في الخليج العربي بل والاعتداء على ناقلات النفط والسفن التجارية عبر زرع ألغام بحرية مما اربك انسيابية الملاحة وزاد من تكلفة النقل.
يقول قائد القوات البحرية في الجيش الإيراني الأدميرال حبيب الله سياري "اغلاق المضيق سهل جدا للقوات المسلحة الايرانية". كما أعلن الجنرال حسن فيروز آبادي رئيس الأركان الإيراني، خلال المؤتمر السنوي لقادة الحرس الثوري الإيراني إن "بلاده انتهت من كافة الاستعدادات الخاصة بإغلاق مضيق هرمز، ويحتاج تنفيذ الخطة إلى موافقة القائد الأعلى علي خامنائي" هذه التصريحات تؤكد سعي ايران نحو العدائية او الانتحار فالعالم لن يتركها تسرح كما تشاء.
إيران ومن خلال تاريخ قريب تمارس زعزعة أمن المنطقة واستقرارها فتحولت المنطقة الى "لهيب ساخن" لايهدأ بفعل سياساتها التي تهدف للتوسع في ظل عدم وجود رادع عالمي قوى لها فقد استهوت إيران ممارسة سحر القرصنة البحرية، ومن أبرز وقائع الاعتراض 6 حالات وقعت خلال السنوات الأخيرة، وهى: اعتراض إيران 4 مرات لقطع بحرية أمريكية في عام 2015 بمضيق هرمز، واحتجاز البحرية الإيرانية طاقمي زورقين أمريكيين عام 2016 في الخليج العربي.
كما اعتراضت البحرية الإيرانية مدمرة أمريكية في أغسطس 2016 بمضيق هرمز، وبالانتقال إلى باب المندب والبحر الأحمر حاول الايرانيين عبر مليشيات الحوثي الارهابية والمتحالفة معها استهداف سفينة مساعدات إماراتية في أكتوبر 2016، كما حاول المتمردين استهداف فرقاطة سعودية غرب الحديدة في يناير 2017، وحاول الحوثيين استهداف ناقلة نفط سعودية في يوليو 2018.
إيران اعلنت الحرب على الممرات المائية، وأي تساهل دولي في ردع النظام المارق في طهران سوف يكون تأثيره عالميا وليس على دول المنطقة فقط.
* نقلا عن صحيفة مال الاقتصادية