ما نشهده اليوم من حرب كلامية ساخنة بين أميركا وإيران ربما لن تزيد عن ذلك، فلقد تعودنا على مثل هذه التهديدات الكلامية، ومن ناحية أخرى قد تقود مثل هذه التهديدات الساخنة إلى حرب، وذلك بسبب واقعية الأسباب، خاصة أن هناك مجموعة من المؤشرات والدلائل التي توحي بأن هناك حرباً قادمة بين أميركا وإيران، حيث الإجراءات الأمنية بين دول العالم على قدم وساق، إذ من ناحية نجد أن أميركا نصحت رعاياها في العراق بالعودة، وكذلك فعلت بعض الدول من مواطنيها في العراق بالعودة إلى بلادهم إذا لم يكن لهم حاجة مثل دولة الإمارات والسعودية والبحرين والكويت، وبذلك لا يستبعد أن تقع الحرب وخاصة بعد تصريح مستشار الأمن القومي جون بولتون عن قيام الحرب ضد إيران وتصريحات الرئيس ترمب عن القيام بمثل هذا العمل العسكري، ولا سيما بعد ابتعاد سياسة الرئيس روحاني عن الوجه الإصلاحي في الفترة الأخيرة واتجاهها نحو التهديد والوعيد، وبذلك تكون الحرب قادمة لا محالة، خاصة أن أميركا استنفدت العقوبات الاقتصادية التي وصلت إلى مراحلها الأخيرة.

 

من جانبها، لا تزال إيران تكابر وتقلّص من احتمال اندلاع الحرب، حيث اعتبرت أن واشنطن «لن تجرؤ على مهاجمتها»، وهددت باستهداف قواعدها القريبة من حدودها ورفضت الاستجابة لدعوة الرئيس ترمب للاتصال به. وفي الواقع فإن ذلك يعود إلى اعتبارات عديدة تتصل برؤية طهران للمسارات المحتملة للتصعيد الحالي مع واشنطن والخيارات المتاحة أمام الأخيرة، وأهمها قيام حرب بين الطرفين.

 

ورغم أن هناك دعوات للتفاوض، فإن إيران ما زالت مصرّة على رفضها وهي الدعوات التي ما زال الرئيس ترمب يوجهها حتى بعد التحركات العسكرية الأخيرة إلا أن ذلك قد يكون قراراً مرحليّاً، بانتظار نضوج ظروف قد تُعزز من فرصة إجراء مفاوضات جديدة مع واشنطن، وتشترط إيران إجراء المفاوضات في العراق أو الكويت.

 

إن كل ما يستلزم قيام الحرب الواقعية قد اكتمل وأرسلت واشنطن سفنها والبوارج الحربية وطائراتها إلى المنطقة، وكذلك دخل متغير آخر يجعل قيام الحرب بعد شهر رمضان احتمالاً وارداً، وهو دعوة خادم الحرمين الشريفين الدول الخليجية والعربية إلى عقد قمتين، خليجية وعربية في الخامس والعشرين من رمضان تتزامنان مع قيام قمة إسلامية، وفي هذه القمم الخليجية والعربية والإسلامية سوف يقوم خادم الحرمين الشريفين بإطلاع القادة العرب والمسلمين على كل المستجدات، ولربما أول ما سوف يطرح على طاولة المفاوضات ما تقوم به إيران من أعمال إرهابية والتدخل في الشؤون الخليجية والعربية، وما يمثله ذلك من خطورة الوضع على السلام والأمن العالميين، ولربما يتم اقتراح حلول من بينها الحل العسكري بشكل مباشر أو غير مباشر لتهيئة الدول لهذه الحرب، وخاصة بعد الاعتداءات الإيرانية على مضخات النفط السعودية، وفي ذلك تطور خطير، وكذلك على السفن في الفجيرة، وذلك يعني بلا شك أن الدول الخليجية والعربية والإسلامية بدأت تشعر بأن إيران قد تجاوزت الخطوط الحمراء، وسوف يتم توجيه رسالة إلى إيران، وإذا لم تستجب إيران فذلك يعني أن قيام الحرب أمر وارد، وأن دول التحالف العربي، خاصة السعودية والإمارات ومصر والبحرين، وقد تنضم إليها دول أخرى للقيام بعمل عسكري بالتعاون مع أميركا ضد إيران، لذا فإنه من الوارد أن الحرب واقعة لا محالة، إلا إذا حدثت ظروف تجعل إيران تقبل بمطالب دول التحالف العربي وأميركا، وإلا فالحرب الخليجية الرابعة بدأت تقرع طبولها، وإن غداً لناظره لقريب.

 

* نقلا عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية

أخبار من القسم

اشترك الآن بالنشرة الإخبارية