«غريفيث» هل تحول صاحب السلام إلى ناصح لا يسمع له الحوثي؟
دون أن ينبس بكلمة أو يدلي بتصريح، عاد غريفيث من صنعاء أدراجه وهو في مهمة "ترويض" المليشيا الكهنوتية للقبول باتفاق السويد. يشد العزم إلى صنعاء دوما كلما فقد بوصلة الطريق نحو السلام وبمجرد أن يصل إليها تتبخر آماله بأن تنصاع المليشيا للحل، والمؤسف أنه يتحفظ بما ينبغي أن يقال، وهو تحديد الطرف المعرقل لاتفاق السويد.
في الزيارة المكوكية الأخيرة التي انطلق بها مبعوث الأمم المتحدة من الأردن إلى صنعاء، تبدلت مفاهيم الدبلوماسية لديه واستحضر بعضاً من الجدية الناعمة في التعامل مع المليشيات الحوثية، رفض للمرة الأولى لقاء قاداتها من الصف الأول والثاني واتجه مباشرة إلى دائرة تلفزيونية مغلقة يتخاطب مباشرة مع قائد الكهنوت عبد الملك الحوثي.
تقول المصادر المطلعة في صنعاء، والتي تحدثت إلى محرر "وكالة 2 ديسمبر"، أن غريفيث توارى عن الأنظار هذه المرة وفضّل ألا يظهر أمام الكاميرا أو يلتقي قيادات المليشيات التي اشترط عليها تدبير لقاء فوري مع عبد الملك الحوثي يطالبه خلاله بتنفيذ اتفاق السويد على نحو عاجل وقبل فوات الأوان.
من البديهي اليوم أن يشحذ غريفيث عزائمه ويستجمع قواه لإجبار المليشيا على تنفيذ اتفاق السويد كون الدور الأممي في اليمن منذ توقيع الاتفاق في الـ13من ديسمبر الماضي ما يزال في نقطة الصفر ولم يحقق أي تقدم على الأرض سوى مفاقمة المعاناة التي يعيشها أبناء الحديدة بفعل سيطرة المليشيا الحوثية على مدينتهم، كما أن غريفيث بدأ يدرك أن الورقة التي يطمئن بها مراراً تمزقت ولم يعد ما فيها يجدي أو حتى يصدق، وأن عليه اليوم أن يخضع المليشيا للتنفيذ أو يعلنها صراحةً أنها تعرقل وترفض حتى تكون الأمور بينة لاتخاذ الحلول البديلة التي تعيد الحديدة إلى بساط الجمهورية.
ويبدو أن الفرص للمناورة باتت ضيقة أمام المليشيا الحوثية، وكذا أصبحت المسافة التي يتحرك فيها غريفيث لا تتيح له الكثير من الاستراحات، فالجانب الحكومي في لجنة إعادة الانتشار بات يتمسك بموقف ثابت لا يقبل فيه الانتقال لنقاش المرحلة الثانية من إعادة الانتشار مالم يتم تنفيذ المرحلة الأولى. وفقاً لما أكده عضو اللجنة عزيز صغير الذي أشار إلى جملة التنازلات التي قدمها الفريق الحكومي كانت في مقدمتها لأغراض إنسانية بحتة، غير أن الحوثيين قابلوها بمزيد من التعنت والإصرار على المضي في هدم لبنات الاتفاق.
لم تُحد المواقف عند هذا القدر، هنالك موقف شعبي يلتف حول القوى الوطنية واللجنة الحكومية وبدأ بدوره يفقد الثقة بالدور الأممي الذي لم يحرك ساكنا ولم يتجاوز زيارات يقضيها ممثلو الأمم المتحدة إلى صنعاء وتصريحات مطمئنة لم تعط حقيقة للواقع من حينها.