نقض مقولة "حروب صعدة الست".. تمرد حوثي مسلح شامل ومستمر 2004 – 2018 (الحلقة 2)
سلسلة حلقات تنشرها "وكالة 2 ديسمبر الإخبارية" من ملف بعنوان (نقض مقولة "حروب صعدة الست".. تمرد حوثي مسلح شامل ومستمر منذُ 2004 – 2018)، وفيما يلي الحلقة الثانية..
موقف المعارضة النكاية بالسلطة!
كان زعيم الحركة ومساعدوه يدّعون أن السلطة في صنعاء هي التي قدمت بقواتها إلى صعدة، أما هم فمقيمون في مناطقهم ولم يذهبوا إلى صنعاء ليحاربوها.. تلقفت معظم أحزاب المعارضة هذا التبرير وسوقته، وحمل حزب الحق على عاتقه مهمة دعم التمرد الحوثي المسلح، وكان هذا الموقف متوقعا، فقد كان حسين الحوثي ووالده بدر الدين الحوثي وشقيقه يحيى، من مؤسسي حزب الحق. ظل هذا الحزب - وقد أصبح عضوا في تكتل أحزاب اللقاء المشترك- يكيل للحكومة شتى التهم، فتارة هي تشن عدوانا على المذهب الزيدي، وتارة هي تكره الهاشمية، وتارة يرى أنها حروب إبادة تقوم بها الدولة بدوافع طائفية وثارات مذهبية، وأن لا هدف لها سوى القضاء على ما تبقى من الوجود الزيدي! وبينما كان اتحاد القوى الشعبية ينفي أي دور له بأحداث صعدة من قريب أو بعيد، كان من الناحية الإعلامية يدعم حسين الحوثي ويتهم الحكومة بتنفيذ عملية إبادة جماعية، وأضعف اتهام هو أنها تشن حربا ضد المذهب الزيدي، وتقوم باضطهاد فكري.. أما أحزاب اللقاء المشترك المعارضة مجتمعة فتصفها بالحرب العبثية.. واستخدام للورقة الأمنية من قبل السلطة لتحقيق أهداف حزبية.. وكانت كثيرة الإعراب عن أسفها لما وصفته استمرار السلطة في تجاوز المسئولية الوطنية والشراكة السياسية، وفي نفس الوقت كانت تدعي أن هذه القضية غير واضحة بسبب تعتيم إعلامي من قبل السلطة نفسها.. وبالجملة ذهبت إلى تصوير ما يجري بأنه حرب تقوم بها دولة ضد مواطنين عزل أرادوا فقط ممارسة حريتهم الدينية.. وسموا تفاعلات رد فعل الحكومة وتمرد 2004 بالحرب الأولى، وهكذا حتى صاروا يروجون بأن هناك ست حروب قامت بها الدولة ضد سكان صعدة وليس ضد تمرد مسلح، حيث قطعوا الحرب إلى قطع متعددة، وبدلا من مرحلة تمرد طويلة ومتواصلة تعسفوا في تقسيم المرحلة الواحدة زمنيا، فقالوا حرب صعدة الأولى 2004، وحرب صعدة الثانية 2005، وحرب صعدة الثالثة 2005، والرابعة في فبراير 2007، والخامسة في يوليو 2008، والسادسة في أغسطس 2009، هكذا دون ملاحظة أن القول بنشوب حربين اثنتين منفصلتين هما الثانية والثالثة خلال شهرين متقاربين في عام واحد، قول لا يستقيم مع حقائق الواقع، فمن طبيعة الحروب أنها تستغرق وقتا طويلا للاستعداد المناسب.. مع ذلك استمر الخطاب الإعلامي والسياسي لحركة التمرد وأحزاب المعارضة في ترديد مصطلح حروب صعدة الست، وتمكنوا من ترسيخ هذا المصطلح في الأذهان لدرجة أن العاملين في الإعلام الحكومي، يرددون نفس المصطلح، على الرغم من أنه لم تكن في حقيقة الأمر ست حروب في صعدة.
خارج صعدة.. داخل اليمن
المعطيات السابقة وأخرى ستليها تظهر أنها حرب واحدة، بدأت عام 2004، واستمرت من جانب المتمردين إلى عام 2010، ثم استئنفت بصورة أكبر عام 2013، في مواجهة السلفيين ومليشيا حزب الإصلاح ومسلحي مشايخ قبائل حاشد وقوات الحكومة معاً، وتمكن الحوثيون من السيطرة على مقر الفرقة الأولى مدرع في العاصمة عصر يوم 21 سبتمبر 2014، وبمرور الوقت سيطروا على جميع مؤسسات الدولة، ووضعوا الرئيس عبدربه منصور هادي قيد الإقامة الجبرية إلى أن أفلت من قبضتهم في فبراير 2015 والانتقال سرا إلى عدن.. هي حرب واحدة إذاً بدأت عام 2004، ولم تتوقف إلى يوم الناس هذا، وكل ما في الأمر أن هناك فترات قصيرة كان يسودها نوع من الهدنة بفعل وساطات أبرزها الوساطة التي قام بها أمير دولة قطر مرتين خلال عامين، ولم يلتزم بها المتمردون الحوثيون، واستغلوها لإعادة ترتيب صفوفهم وتمتين علاقاتهم الخارجية.. من هذه الجهة هي ليست ستة حروب، بل حرب واحدة.. ومن جهة ثانية لم تكن حربا بين الحكومة ومواطنين عزل أرادوا ممارسة حريتهم الدينية كما صورها إعلام الحوثيين وإعلام أحزاب اللقاء المشترك، وخاصة حزبي الحق واتحاد القوى الشعبية الداعمين للحوثيين لأسباب سياسية وسلالية. كانت حربا بين متمردين طامحين للوصول إلى السلطة عن طريق العمل المسلح وتوافرت لهم مختلف أشكال الدعم الخارجي غير المشروع، وبين دولة حاولت حماية مواطنيها وسيادتها من خطر التمرد المسلح وخطر النفوذ الإيراني الذي لم يكن غامضا في أي وقت.. ومن جهة ثالثة، أن حركة التمرد وأحزاب المعارضة أخطأت معاً عند إطلاقها مصطلح حروب صعدة الست، فباستثناء البداية التي كانت من مران بمديرية حيدان في صعدة، فأن المتمردين وسعوا ميدان المعركة، حيث مدوا فعاليتها خلال الفترة المذكورة إلى مناطق خارج صعدة، مثل حرف سفيان في عمران، وبرط في الجوف، وحتى بني حشيش في محافظة صنعاء، ثم اتسعت لتشمل كل المحافظات الشمالية تقريبا، ومحافظات الضالع وأبين ولحج وعدن في نهاية عام 2014.. هل بعد هذا يقال: حروب صعدة الست؟
الحلقة الثانية من ملف تنشره "وكالة 2 ديسمبر"
لقراءة الحلقة الأولى "من هنا "