المقاومة بالحديدة ومهمة إنقاذ اتفاق السويد
بدد الحوثي آمال من راهنوا على جنوحه للسلام، فبعد مرور أكثر من 80 يوما تزداد القناعات بضرورة حسم المقاومة المشتركة لملف الحديدة، إن وجدت رغبة صادقة لإنقاذ اتفاق السويد، وإحلال سلام حقيقي في اليمن..
يبدو أن المجتمع الدولي الذي التقط ملف اليمن من دول التحالف العربي، أصبح اليوم يزداد قناعة بأن الحوثي انقلب على كل الخيارات، ولم يعد هناك من خيار متاح لتجاوز هذا الوضع الكارثي إلا الحسم..
إن السلام يحتاج إلى تضحية أيضا، فالأماني والنيات الحسنة والزيارات المكوكية والتنازلات كلها لم تأتِ بالسلام إلى اليمن، بل لقد تفاقمت الأوضاع الإنسانية أكثر من أي وقت مضى، وفشلت كل الجهود التي حاولت تدجين أو أنسنة العصابة الهمجية الحوثية.
فمنذ أكثر من ثمانين يوماً على توقيع اتفاق السويد لم يتغير شيء على الأرض، وتواصل المليشيات سفك دماء المدنيين بوحشية في الحديدة على مدار الساعة.. لم تلتزم بقرار وقف إطلاق النار الذي أعلن مجلس الأمن عن بدء سريانه يوم 18ديسمبر.. لم تسمح حتى بمرور قوافل المساعدات ومواد الإغاثة لملايين اليمنيين الذين يتضورون جوعاً، ورفضت الانسحاب من الموانئ وتسليم المدينة للسلطة المحلية وإخراج المشرفين من كل المرافق العامة.
كل ما يحدث يمثل صدمة للمجتمع الدولي، الذي لم يسمع صوت الحكومة والمقاومة والتحالف العربي والذين ظلوا يؤكدون أن ملف الحديدة بيد إيران ولا يمتلك الحوثي الحق في اتخاذ أي قرار، وأنه مجرد أداة لتنفيذ أجندتها في اليمن والمنطقة، ومع ذلك قبلت المقاومة باتفاق السويد وهي على مقربة من انتصار مستحق، حرصا على سلامة المدينة وحياة أبنائها وإتاحة الفرصة للسلام.
اليوم.. وصلت الأطراف الدولية التي تعاملت بمثالية مع عصابة همجية، ولم تتفهم ما يعانيه الشعب اليمني، إلى طريق مسدود، بدليل أن الموقف البريطاني الأخير جاء تعبيرا عن نفاد صبر مؤسسة اشتهرت تاريخيا وبأشد المراحل تعقيدا باتباع (سياسة النفس الطويل)، وجاء موقف وزير الخارجية البريطاني الذي شدد على انسحاب المليشيات من موانئ الحديدة خلال أسابيع، وزيارته إلى عدن ومينائها، بمثابة رسائل موجهة إلى إيران وأدواتها وأي قوى تحاول أن تقف أمام الحلم البريطاني القديم الجديد..
وبعيدا عن صراع الأجندات فإن إعلان فشل اتفاق السويد بات غير مسموح به، لأن ذلك سيجر اليمن ودول المنطقة والملاحة الدولية إلى كارثة، برغم الانقلاب على مضامينه في بداية يناير ومحاولات الإنعاش التي تتم له عبر اتفاق إعادة الانتشار، كلها غير مجدية، ولا بد من عملية تضمن نزع مخالب وأنياب الحوثي في الحديدة لإعادة الحياة لاتفاق السويد..
ما أعلنه الحوثي بالأمس وعبر ناطقه الرسمي من انقلاب على اتفاق السويد وقراري مجلس الأمن 2451 و2452 وعلى المبعوث الدولي، ورفضهم صراحة لأي دور للأمم المتحدة في الحديدة، يمثل تصعيدا خطيرا وإعلان حرب ضد الجميع، وكانوا يراوغون طوال الفترة الماضية لإعادة ترتيب أوضاعهم استعدادا لمواجهات مسلحة، وحذرت المقاومة من ذلك مبكرا ولم تجد آذانا صاغية..
وأمام هذا المأزق الخطير، فليس أمام الجميع من خيار لإنقاذ اتقاف السويد إلا ترك المقاومة تغلق ملف الحديدة نهائيا خاصة وأن الإرادة الدولية أصبحت بالمحك، وعليها أن تدرك أن السلام لن يعم ربوع اليمن إلا بحسم ملف الحديدة وتدمير قوة الحوثي كضمان للانتقال لتنفيذ بقية الملفات الأخرى على طريق تحقيق السلام في البلاد.