كشف المستور في انتفاضة حجور
ثمة حقائق واقعية تجلت، وأقنعة زيف أسقطت وتساقطت ليسقط معها وهم وأكاذيب التأييد الإلهي، والتمكين الرباني وماعدا ذلك من مفردات وأقاويل أسطوانة الجماعة المشروخة التي طالما أصموا بها أذاننا، وأوهموا بها بعض الجهلة وأنصاف المتعلمين من بني جلدتنا ردحاً من الزمن، قبل أن تتكسر وتتحطم خرافات النصر الأسطوري، على أعتاب وعتبات قلعة الصمود القبلي الجمهوري الذي تمثله بكل فخر واعتزاز انتفاضة المجتمع الحجوري..
قلت ذلك وأقصد به أن التأييد الإلهي حق وحقيقة نؤمن بهما كإيماننا الراسخ بخيبة وكذب من يرفعون يافطة وشعار الموت لإسرائيل وأمريكا في الوقت ذاته الذي يستجدي فيه رضاهما، وتوسطهما، بينما تنهال أدوات القتل والموت والدمار على رؤوس اليمنيين المسلمين المسالمين الذين لا ذنب لهم غير أنهم في ذات يوم وأيام عملوا على استحضار واستجرار أحقاد خلافاتهم السياسية ومنح كل فصيل سياسي منهم ثقته وتأييده لجماعة الحوثي نكاية بهذا الطرف أو ذاك..
نعم، لا ريب ولا شك في إيماننا بالله وحتمية اليقين منا بتأييده وتمكينه لعباده المؤمنين، لكن المؤكد والأكيد أن الله جل شأنه لا يمنح تأييده الإلهي لمجاميع من الغابويين الكهنوتيين المتعطشين للدماء والقادمين من قاع التسلط الهمجي، والانحراف العقائدي مثخنين بالعقد وأوحال الكهانة والخرافة والتشيع المقيت.
ناهيك عن العقل والمنطق الذي يؤكد كل منهما أن من يحمل مشروع القتل والدمار والعنف لا يمكن أن يكون باي حال من الأحوال مؤهلا ليستخلفه الله في أرضه، ولن يستمر إلى مالا نهاية وإن ساعدته ظروف الواقع في توطيد أركان سلطته المبنية على الظلم والإجحاف اللذين لا يرضيان الله جل شأنه وهو من حرم الظلم على نفسه وعلى عباده، وسيسقط عرش البغي مهما توهم صانعوه ديمومته واستمراره.
ليس أدل على ذلك من النتائج المتمخضة عن المواجهات الدامية الأخيرة التي تشهدها بعض مديريات حجه ممثلة بقبائل حجور مع عصابة الكهنوت الحوثي؛ حيث شاهدنا ومعنا العالم، كيف تلاشت واضمحلت كتلة الغطرسة والعنجهة الحوثية، وانكسر كبرياء وتكبر الجماعة التي استولت على ممتلكات الدولة ومؤسساتها ومعسكراتها في لحظة انتصار صوت الحقد والرصاص على صوت العقل والمنطق فيما بين شركاء العمل الوطني، وحولتها إلى ملكية خاصة للعصابة متفانية في حوثنة وملشنة الدولة حتى كان لها ما تريد.
نعم لقد شاهدنا وسمعنا انهيارات وانكسارات جماعة الحوثي بكل ما تمتلكه من إمكانيات هائلة، أمام صمود وعنفوان قبائل حجور التي تقاتل بسلاحها الشخصي الكلاشنكوف والكلاشنكوف فقط، لكنها في ذات الوقت، تمتلك بين جوانح أفرادها قضية وطنية ومصيرية مقدسة يؤمنون بقداستها وحتمية الانتصار لها بقدر إيماننا نحن بقول الشاعر: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى.. حتى يُراق على جوانبه الدم..
فقضيتهم قضية كل يمني حر يرفض الضيم ويأبى الاستكانة، وهي مواجهة ومقارعة عصبة النازيون الجدد، والإماميين القدامى الذين ربما هي أسوأ ما في هذا العصر الدغماوي الأشد سواداً من ريش الغراب وليل اليتيم ومستقبل العرب المجهول...
ما ذكر آنفاً يدفعنا للقول بصراحة الحقيقة أن ما تحققه قبائل حجور الأبية من انتصارات وملاحم بطولية ستظل خالدة في سفر التاريخ وذاكرة الأجيال، كل ذلك يظل بمثابة دليل قطعي على هشاشة وضعف هذه العصابة لو أننا تحررنا وتجردنا من عقدة الـ(انا)ومنطق الأنانية المفرطة التي اكتوى بنارها كل من يقف اليوم في الخندق المناوئ والمناهض لهذه الجماعية الإقصائية المتطرفة.
وفي ذات السياق فإن انتفاضة قبائل حجور وانتصاراتها المتوالية، مثّلت نقطة امتحان واختبار لجدية من زعموا بالأمس القريب أنهم سيكونون السند والعون لكل صوت جمهوري يصدح بـ "لا" في وجه جماعة الحوثي، وسيدعمونه بالمال والرجال والعدة والعتاد، فما أن هبت قبائل حجور حتى تقزمت تلك الادعاءات والدعاوى، وغابت أو كادت أن تغيب مواقف ووقفات من أوهمونا أنهم سيصنعون لنا من صهيل الليل ميلادنا الجديد، ومستقبلنا المشرق، ما عدا بيانات هزيلة تصدر بين الفينة والأخرى لا ترقى إلى مستوى المسئولية المناطة بهم..
ختاما.. يظل من المجدي والمفيد القول، أن انتفاضة قبائل حجور كانت ولا تزال وستظل ومضة أمل، في آخر نفق معتم تحاصره الكهانة والرهبنة والخرافة من كل اتجاه، كما أن تلك الانتفاضة ستكون أول مسمار في نعش تلك العصابة في حال كُتب لها الانتصار، وآخر مسمار في نعش الشرعية-في حال انكسارها لا سمح الله- فهل آن الأوان أن يدرك ذلك صانعو القرار وكل صوت مقاوم ومناهض لتلك الجماعة ومشاريعها الضيقة والضيقة جداً، آمل ذلك.. والله من وراء القصد.